للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الشافعية]

جاء فى كلام الشافعية ما يدل على أن حكم الأخذ بمعنى الصفة الشرعية غير جائز بدون رضا المالك فقد جاء فى المنهاج وشرحه المغنى «وإن عمل بلا اذن كأن عمل قبل النداء فلا شئ له، لأنه عمل متبرعا وإن كان معروفا برد الضوال. ودخل العبد - مثلا - فى ضمانه كما جزم الماوردى (١)».

وجاء فيه أيضا وألحق الأئمة بقول الأجنبى:

من رد عبد زيد فله على كذا «قوله: فله كذا، وإن لم يقل على لأن ظاهره التزام، فإن قيل: لا يجوز لأحد بهذا القول وضع يده على الأبق بل يضمن، فكيف يستحق الأجرة؟ أجيب بأنه لا حاجة إلى الإذن فى ذلك لأن المالك راض به قطعا، أو بأن صورة ذلك أن يأذن المالك لمن شاء فى الرد (٢)»، فهذان النصان يدلان على أنه لا يجوز أخذ الآبق بدون إذن صاحبه: كأن ينادى بجعل لمن يرد آبقه أما قبل الإذن فلا يصح التقاطه، وقد جعلوا نداء الأجنبى كإذن المالك، لأن المالك يرضى بالرد والجعل قطعا. وأما حكمه بمعنى الأثر المترتب على الأخذ - فهو أن من أخذه بدون رضا المالك بصورة ما يكون ضامنا له، لأنه فى حكم الغاصب حينئذ، أما إذا أخذه بعد إذنه فإنه يكون أمينا لا يضمن إلا بالتقصير أو التعدى، فقد جاء فى المغنى «يد العامل على ما يقع فى يده (والآبق داخل فى ذلك) إلى أن يرده يد أمانة فإن خلاه بتفريط‍ ضمن لتقصيره (٣)».

[الحنابلة]

يرى الحنابلة أن حكم أخذ الآبق - بمعنى صفته الشرعية - جائز فقد جاء فى كشاف القناع «وليس لواجده بيعه ولا تملكه بعد تعريفه، لأن العبد يتحفظ‍ بنفسه فهو (أى الآبق) كضوال الإبل، لكن جاز التقاطه لأنه لا يؤمن لحاقه بدار الحرب (٤)» والذى يدل على أن المراد بالعبد فى عبارة كشاف القناع هو الآبق - كما فسرته - ما جاء فى المغنى لابن قدامة: «ويجوز أخذ الآبق لمن وجده .. ثم علل ذلك بقوله: وذلك لأن العبد لا يؤمن لحاقه بدار الحرب وارتداده واشتغاله بالفساد، بخلاف الضوال التى تحتفظ‍ بنفسها (٥) ولم يستدل من كتب المذهب على المراد بالجواز عندهم: هل هو الاستحباب أو الإباحة؟ ولعله الإباحة لأنهم قابلوه بما لا يجوز أخذة، وهو الضوال التى تحتفظ‍ بنفسها، لاختلافه عنها بأنه يخشى لحاقه بدار الحرب أو اشتغاله بالفساد.

أما حكم الأخذ بمعنى الأثر المترتب عليه - فهو أن الآبق أمانة: لا يضمن أخذه إلا بالتقصير أو التعدى. فقد جاء فى المغنى لابن قدامة فإن أخذه فهو أمانة فى يده إن تلف بغير تفريط‍ فلا ضمان عليه وإن وجد صاحبه دفعه إليه إذا أقام البينة أو اعترف العبد أنه سيده، وإن لم يجد سيده دفعه للأمام أو نائبه فيحفظه لصاحبه ثم قال:

وليس لملتقطه بيعه ولا تملكه بعد تعريفه لأن العبد يحتفظ‍ بنفسه (أى لا يتلف) فهو كضوال الابل (٦)».


(١) ج‍ ٢ ص ٤٢٩ طبعة مصطفى الحلبى.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٤٣٠.
(٣) المغنى شرح المنهاج ج‍ ٢ ص ٤٣٤ الطبعة السابقة.
(٤) كشاف القناع ج‍ ٢ ص ٤٢١ الطبعة العامرية الشرفية ١٣١٩.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٦ ص ٣٥٧ طبعة المنار ١٣٤٦.
(٦) المغنى شرح المنهاج ج‍ ٢ ص ٤٣٤ الطبعة السابقة.