للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِسلام. ولا يصح أمان الصبى لأن قوله: يسعى بذمتهم أدناهم خطاب للبالغين لا للمجنون والمعتوه، وذلك كعقوده. ولا يصح أمان المكره اجماعا كعقده، ولا الأسير كالمكره، فهو ليس مختارًا لأجل الأسر (١).

مذهب الإِمامية:

يذم الإمام ويعطى الأمان لأهل الحرب عموما وخصوصا. وكذا من نصبه الإِمام للنظر في جهة يذم لأهلها ويعطيها الأمان ويجوز أن يذم الواحد من المسلمين لآحاد من أهل الحرب، فلا يذم ذماما عاجا، ولا لأهل الأقليم، وقيل يذم أهل القرية أو الحصن، كما أجاز على كرم الله وجهه ذمام الواحد لحصن من الحصون، وقيل: لا يُذم، وهو الأشبه، وفعل عليّ قضية في واقعة، فلا يتعدى. والعاقد للذمام (الأمان) لابد أن يكون بالغا عاقلا مختارًا، ويستوى في ذلك الحر والمملوك والذكر والأنثى. ولو أذم المراهق والمجنون لم ينعقد ذمامه لكن يعاد المؤمن إلى مأمنه. وكذلك يعاد إلى مأمنه كل حربى دخل في دار الإِسلام بشبهة الأمان، كأن يسمع لفظا فيعتقده أمانا، أو يصحب رفقة فيتوهمهم أمانا (٢).

[مذهب الإباضية]

يعطى الأمان لمشرك غير معط للجزية إذا دخل أرض الإسلام متجرا، ولو استأمنه رجل واحد (٣). ومن لا قرار له - كأهل البادية والمتنقلين من بلد لآخر - لا يتصرف فيهم سوى الإِمام الظاهر، أو نائبه أو مأذونه. وقيل: ما جاز للإمام العدل جاز محمد له رياسة وأتباع (٤).

[من ينعقد له الأمان وإثباته]

[مذهب الحنفية]

يعقد الأمان للحربيين المحصورين في مدينة أو حصن من الحصون، قلوا أو كثروا. (٥). ويشترط فيمن يطلبه من المشركين أن يكون ممتنعا أي في موضع يمنعه عن وصولنا إليه، وإن كان في موضع ليس يمتنع به وهو ماد سيفه أو رمحه فهو فئ. فإذا ترك منعته وجاء الينا طالبا الأمان صح أمانه. قال ابن عابدين: لو كان في منعته بحيث لا يسمع المسلمون كلامه ولا يرونه فانحط الينا وحده بلا سلاح، فلما كان بحيث نسمعه نادى بالأمان فهو آمن، بخلاف ما إذا أقبل سالا سيفه مادًا رمحه نحونا، فلما اقترب استأمن فهو فئ لأن البناء على الظاهر فيما يتعذر الوقوف على حقيقته جائز ولو في إباحة الدم (٦).

وينعقد الأمان المؤقت لرسل الحربيين ولو وجدنا حربيا في دارنا فقال: أنا رسول الملك إلى الخليفة فإنه يكون آمنا (يعنى بدون أن يبذل له مسلم أمانا) إذا أخرج كتابا يشبه أن يكون كتاب ملكهم وإن احتمل أن يكون مفتعلا لأن الرسول آمن كما جرى به الرسم جاهلية وإسلاما، ولا يجد رسول الحربيين في دار الإِسلام مسلممن ليشهدوا له. فلو لم يصحبه دليل ولا كتاب معه وأخذه المسلمون فهو فئ لجماعة المسلمين عند أبى حنيفة، كمن وُجد في عسكرنا


(١) البحر الزخار جـ ٥ ص ٤٥٢.
(٢) شرائع الإسلام جـ ١ ص ١٤٨.
(٣) شرح النيل جـ ١٠ ص ٤١٢
(٤) شرح النيل جـ ١٠ ص ٤٠١ و ٤٠٣
(٥) بدائع جـ ٧ ص ١٠٦
(٦) ابن عابدين جـ ٤ ص ١٣٥ (الطبعة السابقة)