للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاحصان الرجم عبارة عن اجتماع صفات اعتبرها الشرع لوجوب رجم الشخص اذا زنى.

واحصان القذف: عبارة عن اجتماع صفات فى المقذوف تجعل قاذفه مستحقا للجلد.

وعرف صاحب المبسوط‍ الاحصان بأنه عبارة عن خصال حميدة بعضها مأمور به وبعضها مندوب اليه وبأنه عبارة عن حال فى الزانى يصير الزنا فى تلك الحالة موجبا للرجم (١).

[شروط‍ احصان الرجم]

اتفق الفقهاء على أن الاحصان من شروط‍ الرجم، ولكنهم اختلفوا فى شروط‍ الاحصان على الوجه الآتى:

[مذهب الحنفية]

قالوا ان الصفات التى اعتبرها الشرع لوجوب الرجم سبعة: العقل، والبلوغ، والحرية، والاسلام، والنكاح الصحيح وكون الزوجين جميعا على هذه الصفات والدخول فى النكاح الصحيح.

لأن هذه الصفات اذا اجتمعت فى الرجل أو المرأة ثم زنى كان مستحقا للرجم لأنها كلها مانعة من الزنا فهى كالحصن يمنع من دخل فيه ويحفظه.

أما العقل: فلأن الزنا عاقبته ذميمة، والعقل يمنع عن ارتكاب ماله عقابة ذميمة.

وأما البلوغ: فلأن الصبى لنقصان عقله وقلة تأمله لانشغاله باللهو واللعب لا يقف على عواقب الأمور فلا يعرف الحميدة منها والذميمة.

وأما الحرية: فلأن الحر يستنكف عن الزنا، وكذلك الحرة، ولهذا لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم آية المبايعة على النساء وهى قوله تعالى فى سورة الممتحنة «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلا يَسْرِقْنَ، وَلا يَزْنِينَ»، ولما بلغ الى قوله «وَلا يَزْنِينَ» قالت هند امرأة أبى سفيان: أو تزنى الحرة يا رسول الله؟.

وأما الاسلام: فلأنه نعمة كاملة موجبة للشكر فيمنع من الزنا الذى هو وضع كفر النعمة موضع شكرها.

وأما اعتبار اجتماع هذه الصفات فى الزوجين جميعا: فلأن اجتماعها فيهما يشعر بكمال حالهما، وذلك يشعر بكمال اقتضاء الشهوة من الجانبين، لأن انقضاء الشهوة بالصبية والمجنونة قاصر، وكذا بالرقيق لكون الرق من نتائج الكفر فينفر عنه الطبع وكذا بالكافرة، لأن طبع المسلم ينفر عن الاستمتاع بالكافرة، ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم لحذيفة رضى الله عنه حين أراد أن يتزوج يهودية: «دعها فانها لا تحصنك».


(١) البدائع ج‍ ٧ ص ٣٧، ٤٠، والمبسوط‍ ج‍ ٩ ص ٤٢.