فلأنه اقتضاء الشهوة بطريق حلال فيقع به الاستغناء عن الحرام، والنكاح الفاسد لا يفيد فلا يقع به الاستغناء، وجعل الدخول متأخرا عما سبقه، لأن وجوده قبل استيفاء سائر ما سبق لا يجعل اقتضاء الشهوة على سبيل الكمال فلا يقع الاستغناء به عن الحرام على التمام وبعد استيفائها يقع به الاستغناء على الكمال والتمام.
وظاهر الرواية على اعتبار هذه الصفات مجتمعة أى انها شرائط الاحصان حتى لا يصير المسلم محصنا بنكاح الكتابية والدخول بها، وكذلك الذمى العاقل البالغ الحر الثيب لا يرجم اذا زنى بل يجلد.
وروى عن أبى يوسف أن الاسلام ليس من شرائط الاحصان، ولذا يصير المسلم محصنا بنكاح الكتابية، ويرجم الذمى اذا زنى، وليس بشرط فى المذهب أن يكون كل واحد من الزانيين محصنا حتى يجب الرجم، فلو كان أحدهما محصنا والآخر غير محصن، فالمحصن منهما يرجم وغير المحصن يجلد.
ويتفرع على ما ذكرنا:
ا) أنه اذا اختلى الزوجان خلوة صحيحة وتصادقا على أنه لم يدخل بها لا يكونان محصنين لأن الخلوة انما تجعل كالاستيفاء فيما هو من حكم العقد، والاحصان ليس من ذلك فى شئ، فاذا أقرا بالجماع لزمهما حكم الاحصان، وان أقر به أحدهما صدق على نفسه دون صاحبه.
ب) وأنه لا يحصن الخصى اذا كان لا يجامع، وكذا المجبوب والعنين، فان جاءت بولد وثبت نسبه من الزوج ففى الخصى والعنين يكونا محصنين للزوجة لأن الحكم بثبوت النسب حكم بالدخول، وفى المجبوب ذكر فى اختلاف زفر ويعقوب رضى الله عنهما أنه على قول زفر رحمه الله تصير الزوجة محصنة لما حكمنا بثبوت النسب من الزوج. وعند أبى يوسف لا تصير محصنة، لأنه لا يتصور الجماع بدون الآلة والحكم بثبوت النسب بطريق الانزال بالسحق وليس ذلك من الجماع فى شئ، وثبوت حكم الاحصان يتعلق بعين الجماع.
ج) وأن الرتقاء لا تحصن لانعدام الجماع مع الرتق.
د) وأن النكاح الفاسد لا يحصن لأن الاحصان عبارة عن كمال الحال وذلك يحصل بوط ء هو نعمة بل نهاية فى النعمة حتى لا يحصل بالوط ء بملك اليمين والوط ء بالنكاح الفاسد حرام فلا يوجب الاحصان.
هـ) وأن الخنثى اذا دخل بامرأته أو دخل بالخنثى زوجها فهما محصنان لأنه لما حكم بكونه رجلا أو امرأة بالجماع فالنكاح الصحيح تحقق بينهما فثبت به حكم الاحصان.