للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للإنسان من بيع وشراء وإجارة وشركة ومضاربة وقرض وإبراء وحوالة ورهن وكل عقد شرع لحاجة الناس فيجوز فيها الإنابة إنشاء وفسخا وكذلك تجوز الإنابة والمطالبة بالحقوق ادعاء ومخاصمة وإنكارا وإقرارا وصلحا وتحصيلا لمباح كإحياء موات واستيلاء على مال مباح واصطياد واحتشاش وكذلك كل حق غلب فيه حق الله كالزواج والطلاق والخلع والإيلاء واللعان والرجعة والإعتاق وإثبات الحدود كحد الزنا وحد السرقة والقصاص واستيفائها وتفرقة أموال الزكاة والصدقات والكفارات والنذر من كل ما لا تتوقف مصلحته المقصودة منه على فعل من يباشره وتحصل دون نظر إليه ولذا تجوز الإنابة في إزالة الانجاس من البدن والثياب. وأما ما لا تصح فيه الإنابة مطلقا فهو العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصوم وطهارة البدن من الحدث والاعتكاف وغسل الجمعة ونحو ذلك من كل ما كان النظر في مصلحته المقصودة منه إلي فاعله وتجديد وضوء من ذلك الإيمان والظهار اللعان والإيلاء والنذر والقسامة والقسم من الزوجات والالتقاط والاغتنام والشهادة وما يعد معصية والجزية والرضاع وإنشاء العقود الفاسدة ذلك لأن الظهار قول منكر وزور محرم فكان معصية ولأن الإيمان على العموم والنذر والإيلاء واللعان والقسامة مرجعها إلى يمين الحالف واعتزامه ولا تجزئ في ذلك النيابة وكذلك القسم بين الزوجات والاستمتاع بالزوجة لأنه تختص بالزوج باعتباره زوجا ولأن الالتقاط الغالب فيه معنى الائتمان وذلك خاص بالنفس والاغتنام الاستحقاق فيه مناط الحضور بالنفس فلا تجوز فيه النيابة والجزية فيها معنى الصغار والقصد فيه إلى دافعها لا إلى نائبه والرضاع مرده إلى لبن المرضعه فلا تتصور فيه الإنابة وأما ما تجوز فيه الإنابة مع العجز والعذر فالحج والعمرة إذا كانا واجبين أما إذا كانا نفلا فلا يشترط في جواز الإنابة فيها العجز ذلك ما ذهب إليه الحنابلة في بيان ضابط ما تجوز فيه الإنابة وما لا تجوز وهو ما كاد يتفق مع ما ذهب إليه الشافعية على الوجه الذي بين وفيما يلى بعض التطبيقات (١).

[الإنابة في الحج والعمرة]

الحج والعمرة كلاهما واجب عند أحمد ولذا كانت أحكام الإنابة فيهما واحدة فهى جائزة عند عجز من وجبا عليه فله عند عجزه ينيب من يؤديها عنه وجوبا فوريا ومن العجز كبر السن والعاهة والمرض الذي لا يرجى برؤه وتقل الجسم الذي يحول بين مريد الحج وثبوته على الراحلة إلا بمشقة لا تحتمل في العادة وكذلك الهزال الذي لا يثبت معه صاحبه على الراحلة إلا بمشقة شديدة لا تحتمل عادة ومن العجز لا تجد المرأة محرما تحج معه فإذا أناب العاجز غيره فأدى عنه يسقط عنه الواجب وإذا عوفى قبل إحرام النائب بهما وجب عليه أداؤهما بنفسه ولم يجزه حج النائب ولا عمرته أن فعل وإذا كان العاجز ذا مال وقادرا على الإنفاق ولم يجد نائبا لم يجب عليه الحج فإذا وجد النائب بعد ذلك ولا يزال قادرا على الإنفاق أنابه عنه وإذا لم يجد العاجز نائبا عنه إلا بأجر استأجر فإن طلب الأجر زيادة عن أجر المثل لم يجب عليه الاستئجار وليس لمن


(١) كشاف القناع ج ٢ ص ٢٣١ وما بعدها ومنتهى الإرادات على هامش كشاف القناع ٢ ص ١٦٥ وما بعدها والمغنى لابن قدامة ج ٥ ص ٢٠٣ وما بعدها.