للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الزيدية]

قال الزيدية: لا يجوز للآفاقى الحر المسلم مجاوزة الميقات إلى الحرم إلا بإحرام، أما غير الأفاقى، وهو من كانت داره بعد الميقات، فإنه يجوز له دخول مكة من غير إحرام إذا لم يدخل لأحد النسكين إلا أن يأتى من خارج الميقات يريد دخول مكة، وأما العبد فإنه يجوز له دخول مكة لو كان آفاقيا من غير إحرام إذا منعه سيده.

وأما الكافر فإنه لا يحرم لدخول مكة لأنه لا ينعقد إحرامه مع الكفر ولا يلزمه دم عندنا، ومن جاوز الميقات غير قاصد لدخول الحرم المحرم بل قصده أن يصل دونه ويرجع، فإن هذا لا يلزمه الإحرام لمجاوزة الميقات، فلو عزم على دخول مكة بعد أن جاوز الميقات فلا يلزمه أن يحرم للدخول عند بعضهم، وهو المختار فى الأزهار، لأن الشرط‍ أن يكون مريدا عند مجاوزته الميقات أن يقصد مجاوزته إلى الحرم، وهذا غير قاصد، ومن لزمه الإحرام وجاوز الميقات من غير إحرام، فقد عصى، ولزمه دم، لأجل المجاوزة، ولو عاد آلي الميقات بعد المجاوزة لم يسقط‍ عنه الدم إن كان قد أحرم بعد مجاوزة الميقات، أما لو عاد آلي الميقات قبل أن يحرم ثم أحرم من الميقات سقط‍ وجوب الدم وإن فاته عامه الذى جاوز الميقات فيه من غير إحرام ثم بقى علي ترك الإحرام حتى خرج ذلك العام فإنه يلزمه قضاؤه فى المستقبل بأن يحرم ناويا قضاء ما فاته من الإحرام الذى وجب عليه بمجاوزة الميقات (١).

[مذهب الإمامية]

قال الإمامية: لا يجوز لمكلف أن يتجاوز الميقات بغير إحرام عدا من يتكرر دخوله ومن دخلها بقتال، ومن ليس بقاصد مكة عند مروره على الميقات ومتى تجاوزه غير هؤلاء بغير إحرام فيجب الرجوع إليه مع الإمكان، فلو تعذر بطل نسكه إن تعمد مجاوزته بغير إحرام عالما بوجوبه، ووجب عليه قضاؤه وإن لم يكن مستطيعا بل كان سببه إرادة الدخول فإن ذلك موجب له كالمنذور.

نعم، لو رجع قبل دخول الحرم فلا قضاء عليه وان أثم بتأخير الإحرام وألا يكن متعمدا بل نسى أو جهل ولم يكن قاصدا مكة، ثم بدا له قصدها أحرم من حيث أمكن ولو دخل مكة معذورا ثم زال عذره بذكره وعلمه ونحوهما، خرج إلى أدنى الحل وهو ما خرج عن منتهى الحرم إن لم يمكنه الوصول إلى أحد المواقيت فإن تعذر الخروج إلى أدنى الحل فمن موضعه بمكة ولو أمكن الرجوع إلى الميقات وجب لأنه الواجب بالأصالة وإنما قام غيره مقامه للضرورة، ومع إمكان الرجوع إليه لا ضرورة، ومن اكتملت أهليته بالبلوغ والعتق بعد تجاوز الميقات فكمن لا يريد النسك (٢).


(١) شرح الأزهار ج‍ ٢ ص ١٥٤، ١٥٥ الطبعة السابقة.
(٢) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج‍ ١ ص ١٧٧ وما بعدها، الطبعة السابقة.