للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان وقف نخلة فجفت أو بهيمة فزمنت أو جذوعا على مسجد فتكسرت ففيه وجهان أحدهما لا يجوز بيعه لما ذكرنا فى المسجد والثانى يجوز بيعه لانه لا يرجى منفعته فكان بيعه أولى من تركه بخلاف المسجد. قال فى مغنى المحتاج فان لم يمكن الانتفاع بها الا باستهلاكها باحراق أو نحوه ففيه خلاف قيل تصير ملكا للموقوف عليه لكنها لا تباع ولا توهب بل ينتفع بعينها وصحح هذا ابن الرفعة وغيره لكن ما ذكره الحاوى الصغير يقتضى أنها لا تصير ملكا بحال قال شيخنا وهو المعتمد (١).

قال صاحب المغنى والاول أوجه فان قيل يلزم عليه التنافى اذ القول بأن الوقف لا يبطل وتعود ملكا متنافيان واجيب بأن معنى عوده ملكا انه ينتفع به ولو باستهلاك عينه كاحراق ومعنى عدم بطلان الوقف أنه ما دام باقيا لا يفعل به ما يفعل بسائر الاملاك من بيع ونحوه فلا تنافى بين بقاء الوقف وعوده ملكا بل قيل ان الموقوف ملك للموقوف عليه فى حال الانتفاع به.

[مذهب الحنابلة]

من المغنى أن الامام أحمد قال فى رواية أبى داود أن من أدخل بيتا فى المسجد وأذن فيه ثم طلب الرجوع فلا يرجع فيه كذلك اذا اتخذ المقابر والسقاية واذن للناس فليس له الرجوع وفى رواية لا يصح الوقف الا بالقول ذكرها القاضى وأخذه القاضى من قول أحمد اذ سأله الاثرم عن رجل أحاط‍ حائطا على أرض ليجعلها مقبرة ونوى بقلبه ثم بداله العود فقال ان كان جعلها لله فلا يرجع (٢). واذا وقف وقفا ولم يجعل آخره للمساكين ولم يبق ممن وقف عليه أحد رجع الى ورثه الواقف فى احدى الروايتين عن أبى عبد الله رحمه الله والرواية الاخرى يكون وقفا على أقرب عصبة (٣) الواقف وان انقطعت الجهة الموقوف عليها فى حياة الواقف بأن وقف على أولاده وأولاد زيد فقط‍ فانقرضوا فى حياته رجع الوقف الى الواقف قال ابن الزاغونى فى الواضح الخلاف فى الرجوع الى الاقارب أو الى بيت المال أو الى المساكين مختص بما اذا مات الواقف أما ان كان حيا فانقطعت الجهة فهل يعود الوقف الى ملكه أو الى عصبته فيه روايتان (٤).


(١) مغنى المحتاج لمعرفة ألفاظ‍ المنهاج ج ٢ ص ٣٦٣ الطبعة السابقة.
(٢) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٦ ص ١٨٦ الطبعة السابقة وهامشه الشرح الكبير.
(٣) المغنى لابن قدامة ج ٦ ص ٢١٤ الطبعة السابقة.
(٤) كشاف القناع مع هامش منتهى الارادات ج ٢ ص ٤٤٨ الطبعة السابقة.