والدليل على أنه امانة أن اليتيم لو صدقه على الهلاك لم يضمنه، كما أن المودع لو صدق المودع فى هلاك الوديعة لم يضمنها.
[مذهب الحنفية]
وهذا رأى الحنفية لا بالنسبة للأوصياء والقائمين على أموال اليتامى والتصرف فيها بالحفظ والاستثمار بل بالنسبة لكل الامناء على الأموال، ومن يتولون شأنا عاما من شئون المسلمين. يشهدون على تصرفاتهم فى الأموال التى تعتبر أمانة تحت أيديهم، وعلى أعمالهم للمصلحة التى عهد اليهم بالعمل لها.
فقد جاء فى جامع الفصولين (١):
ويصح اذن الأب والجد ووصيهما والقاضى ووصيه لليتيم وقنه لا اذن الأم وأخيه وعمه وخاله اذ ليس لهم التصرف فى ماله. والاذن من التصرف.
وللأب أن يسافر بمال طفله وله دفعه مضاربة وبضاعة، وأن يوكل ببيع وشراء واستئجار وأن يودع ماله ويكاتب قنه ويزوج أمته لا قنه ويرهن ماله بدينه، وبدين نفسه.
فلو هلك ضمن قدر المؤدى من دينه.
وله أن يعمل به مضاربة.
وينبغى أن يشهد عليه ابتداء، والا صدق ديانة، ويكون المشترى كله للصبى قضاء.
وكذا لو شاركه ورأس ماله أقل من مال الصبى.
فان أشهد فالربح كما شرط.
والا صدق ديانة لا قضاء.
فالربح على قدر رأس ماليهما قضاء، لأنه لا يستحق الا بالشرط فما لم يثبت الشرط عند القاضى لا يقضى له .. يماثله الوصى فى ذلك كله.
ثم قال فى موضع آخر بعد أن رمز للمنتقى للحاكم الشهيد. نقد الأب من ماله ثمن شئ شراه لولده ونوى الرجوع يرجع ديانة لا قضاء ما لم يشهد .. ولو ثوبا أو طعاما وأشهد أنه يرجع لو له مال.
وان لم يكن له مال فلا يرجع وان أشهد لوجد أنهما عليه فى هذه الحالة لأنه فقير يستحق النفقة.
(١) جامع الفصولين للامام الشيخ محمود بن اسماعيل الشهير بابن قاضى سماوه ويليه الهامش المسمى بجامع الصغار ويليه الكتاب المسمى اداب الاوصياء ج ٢ ص ١٣، وما بعدها طبع المطبعة الاميرية سنة ١٣٢٠ هـ.