للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدفعوا اليه شيئا فيقبض ما حل عليهم فلا يرد منه شيئا، لأنه قد وفى له بما كان بينه وبينه، وان علم بعد مضى نصف السنة نبذه اليهم مكانه وأعلم أن صلحهم لا يجوز، وقال ان رضيتم صلحا يجوز جددته لكم وان لم ترضوه أخذت منكم ما وجب عليكم وهو نصف ما صالحتكم عليه فى السنة، لأنه قد تم لكم ونبذت اليكم، وان كانوا صالحوا على أن سلفوه شيئا لسنتين رد عليهم ما صالحوه عليه الا قدر ما استحق بمقامهم ونبذ اليهم، ولم أعلم أحدا أجلى أحدا من أهل الذمة من اليمن، وقد كانت بها ذمة وليست بحجاز فلا يجليهم أحد من اليمن.

ولا بأس أن يصالحهم على مقامهم باليمن، فأما سائر البلدان ما خلا الحجاز فلا بأس أن يصالحوا على المقام بها.

فاذا وقع لذمى حق بالحجاز وكل به ولم أحب أن يدخلها بحال، ولا يدخلها لمنفعة لأهلها، ولا غير ذلك من أسباب الدخول كتجارة يعطى منها شيئا، ولا كراء يكريه مسلم ولا غيره، فان أمر باجلائه من موضع فقد يمنع من الموضع الذى أجلى منه، وهذا اذا فعل فليس فى النفس منه شئ، واذا كان هذا هكذا فلا يتبين أن يمنعوا ركوب بحر الحجاز ويمنعون المقام فى سواحله، وكذلك ان كانت فى بحر الحجاز جزائر وجبال تسكن منعوا سكناها، لأنها من أرض الحجاز، واذا دخل الحجاز منهم رجل فى هذه الحالة فان كان تقدم اليه أدب وأخرج وان لم يكن تقدم اليه لم يؤدب وأخرج وان عاد أدب.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى (١) المغنى: أنه لا يجوز لأحد من المشركين سكنى الحجاز، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا يجتمع دينان فى جزيرة العرب».

وروى أبو داود باسناده عن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب فلا أترك فيها الا مسلما، قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح.

وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال:

أوصى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بثلاثة أشياء قال «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفود بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالث، رواه أبو داود».

وجزيرة العرب ما بين الوادى الى أقصى اليمن قاله سعيد بن عبد العزيز.

قال الاصمعى وأبو عبيدة هى من ريف العراق الى عدن طولا، ومن تهامة وما وراءها الى أطراف الشام عرضا.


(١) المغنى لابن قدامة الحنبلى ج ١٠ من ص ٦١٣ إلى ص ٦١٦ الطبعة السابقة.