قال، لانه قد ادعى البناء لنفسه أولا ضمن أدعاء الارض ثم أقر بأن البناء لفلان بعد الدعوى فيصح الاقرار ويؤمر المقر له بنقل البناء من أرض المقر .. واذا قال: أرض هذه الدار لفلان وبناؤها لى فالارض والبناء للمقر له، لانه أقر أولا بأن البناء لفلان تبعا للاقرار له بالارض، ثم ادعى بعد ذلك البناء لنفسه والدعوى بعد الاقرار ببعض ما دخل تحت الاقرار لا تصح واذا قال: أرض هذه الدار لفلان وبناؤها لفلان آخر فالارض والبناء للمقر له الاول، لانه أقر أولا بالبناء للاول ضمن اقراره له بالارض، ثم أقر بالبناء للثانى، وهذا اقرار على الاول والاقرار على الغير لا يصح. واذا قال: بناء هذه الدار لفلان وأرضها لفلان آخر فهو كما قال، لانه أقر أولا بالبناء للاول ثم أقر ثانيا على هذا الاول بالبناء للثانى تبعا لاقراره له بالارض فكان اقرارا على الغير فلم يصح.
[جهالة المستثنى]
والاصل فى الاستثناء أن يكون المستثنى معلوما غير أن ذلك ليس بشرط فى صحته فيجوز أن يكون المستثنى مجهولا نحو أن يقول:
لفلان على مائة درهم ألا شيئا أو الا قليلا أو ألا بعضا فأن الاستثناء يكون صحيحا فى الجميع، ويجب على المقر فى الامثلة المشار اليها أكثر من نصف المائة المستثنى منها لان استثناء الشئ أو البعض أو القليل استثناء الاقل عرفا مما يثبت فى الذمة ويطالب به المقر فيكون الباقى بعد الاستثناء أكثر من المستثنى عرفا. والاكثرية تتحقق بالزيادة على النصف غير أنه لا يمكن تحديد هذه الزيادة الا بالرجوع الى المقر ومن ثم يكون القول قوله فى ذلك اذ هو المجمل فيكون البيان اليه، ويجب عليه أن يبين .. فاذا لم يبين يحكم بزيادة أو فى ما تتحقق به الزيادة على النصف. فيزاد فى المثال المذكور درهم على نصف المائة وبذلك يلزمه واحد وخمسون درهما.
وقد أقر بشئيين واستثنى أحدهما كقوله: لفلان على أردب قمح وأردب شعير الا أردب قمح كان الاستثناء باطلا لأنه مستغرق والاستثناء المستغرق باطل كما تقدم .. واذا استثنى أحدهما وبعض الاخر بأن قال: لفلان على أردب قمح وأردب شعير ألا اردب قمح وكيلة شعير ينظر فان أخر استثناء كيلة الشعير كما فى المثال، كان الاستثناء باطلا كله لانه لما بطل استثناء أردب القمح للاستغراق صار لغوا وقد صار قاطعا للكلام بين المستثنى منه واستثناء كيلة الشعير فصار الاستثناء منفصلا وشرط صحته الاتصال كما تقدم فكان باطلا لذلك .. أما أن قدم استثناء كيلة الشعير على استثناء أدرب القمح بأن قال: ألا كيلة شعير وأردب قمح فأنه يصح استثناء كيلة الشعير من الثانى بالاتفاق لعدم الفاصل حينئذ.