للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلق على ذلك الإسنوى فقال: (١)

الأمر المعلق بشرط أو بصفة يقتضى تكرار المأمور به عند تكرر شرطه أو صفته. إن قلنا الأمر المطلق يقتضيه فإن قلنا إنه لا يقتضيه ولا يدفعه فهل يقتضيه هنا؟

فيه ثلاثة مذاهب.

أحدها: يقتضيه من جهة اللفظ أي أن هذا اللفظ قد وضع للتكرار.

الثاني: لا يقتضيه أي لا من جهة اللفظ ولا من جهة القياس وهذا هو القائل بأن ترتيب الحكم على الوصف لا يدل على العلية.

الثالث: أنه لا يقتضيه لفظا ويقتضيه من جهة ورود الأمر بالقياس، واختاره في المحصول فلذلك جزم به المصنف. واختار الآمدى وابن الحاجب أنه لا يدل عليه قالا: ومحل الخلاف فيما لم يثبت كونه علة كالإحصان فإن ثبت كالربا فإنه يتكرر بتكرر علته اتفاقا.

وهذا مناف لكلام الإمام الرازى حيث مثل بالسرقة والجنابة مع أنه قد ثبت التعليل بهما ثم قال الإسنوى: الدليل على الأول وهو أنه لا يقتضي التكرار لفظا من وجهين:

أحدهما: أن ثبوت الحكم مع الصفة أو الشرط يحتمل التكرار وعدمه فإن اللفظ إنما دل على تعليق شئ على شئ وهو أعم من تعليقه عليه في كل الصور أو في صورة واحدة. بدليل صحة تقسيمه إليها والأعم لا يدل على الأخص بخصوصه فلزم من ذلك أن التعليق لا يدل على التكرار.

الثاني: أنه لو قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق فإن الطلاق لا يتكرر بتكرر الدخول. ولو كان يدل عليه من جهة اللفظ لكان يتكرر. كما لو قال "كلما".

وأما الدليل على الثاني - وهو أنه يقتضي التكرار قياسا - فلأن ترتب الحكم على الصفة أو الشرط يفيد عليه الشرط أو الصفة لذلك الحكم كما سيأتي في القياس في مباحث الإيماء فيتكرر الحكم بتكرر ذلك لأن المعلول يتكرر بتكرر علته.

وعلق الإسنوى على قول البيضاوى السابق "وإنما لم يتكرر الطلاق" فقال: إن هذا جواب عن سؤال مقرر توجيهه أن يقال:

لو كان تعليق الحكم بالشرط دالا على تكراره بالقياس لكان يلزم تكرار الطلاق بتكرار القيام فيما إذا قال: إن قمت فأنت طالق. وليس كذلك.

وجوابه أن تعبيره بذلك دال على أنه جعل القيام علة للطلاق ولكن المعتبر تعليل الشارع لأن وقوع الطلاق حكم شرعى وأحاد الناس لا عبرة بتعليلهم في أحكام الله تعالى لأن من نصب علة لحكم فإنما يتكرر حكمه بتكرر علته لا حكم غيره فلذلك لم يتكرر الطلاق منه. ألا ترى أنه لو صرح بالتعليل فقال طلقها لقيامها لم تطلق امرأة أخرى له قامت.

[ثانيا: طريقة الحنفية]

[١ - البزدوى والبخارى]

يقول البزدوى: (٢)

إن بعض مشايخ المذهب يقول بأنه يوجب التكرار وعامة مشايخه لا يوجبه ولا يحتمله.


(١) المصدر السابق.
(٢) كشف الأسرار جـ ١ ص ١٢٢.