للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو ظاهر. ولو شرط‍ أن يرد مكسرا عن صحيح أو أن يقرضه شيئا آخر غيره لغى الشرط‍ فيهما ولم يجب الوفاء به والأصح انه لا يفسد العقد لان ما جره من المنفعة ليس للمقرض بل للمقترض والعقد عقد ارفاق فكأنه زاد فى الارفاق ووعده وعدا حسنا ولا يشكل هذا بما يأتى فى نظيره من الرهن حيث يفسده لقوة داعى القرض فانه سنة ولان وضعه جر المنفعة للمقترض فلم يفسد باشتراطهما والثانى يفسد لمنافاته مقتضى العقد. ولو شرط‍ أجلا فهو كشرط‍ مكسر عن صحيح ان لم يكن للمقرض غرض صحيح أوله والمقترض غير ملئ فيلغو الاجل لامتناع التفاضل فيه كالربا، ويصح العقد لانه زاد فى الارفاق بجره المنفعة للمقترض ولا اعتبار بجرها له فى الاخيرة لان المقترض لما كان معسرا كان الجر اليه أقوى فغلب وبين الوفاء باشتراط‍ الاجل كما فى تأجيل الدين الحال. قال ابن الرفعة رحمه الله تعالى: وغير الاجل مما ذكر فى معناه، ولا تمتنع المطالبة بالحال مع اليسار الا بالوصية والنذر على ما فيه مما يأتى فى بابه فبأحدهما تتأخر المطالبة به مع حلوله، وان كان للمقرض غرض كزمن نهب والمقترض ملئ بالمقرض - بفتح الراء - أو بدله فيما يظهر فكشرط‍ رد صحيح عن مكسر فيفسد العقد فى الاصح لان فيه جر منفعة للمفرض والثانى يصح ويلغو الشرط‍ ويجوز للمقرض ان يشترط‍ رهنا وكفيلا عينا على قياس البيع واقرارا به عند حاكم واشهادا عليه لان هذه الامور توثيقات لا منافع زائدة فله اذا لم يوف بها المقترض ان يفسخ وان كان له الرجوع بغير شرط‍ كما سيأتى على أن فى التوثق بها مع افادته امن الجحد فى بعض وسهولة الاستيفاء فى بعض آخر صون العرض فان الحياء والمرؤة يمنعانه من الرجوع بلا سبب بخلاف ما اذا وجد فان المقترض اذا امتنع من الوفاء بشئ من ذلك كان المقرض معذورا فى الرجوع غير ملوم. قال ابن العماد رحمه الله تعالى: ومن فوائده أن المقترض لا يحل له أن يتصرف فى العين التى اقترضها قبل الوفاء بالشرط‍ وان قلنا يملك بالقبض كما لا يجوز للمشترى ان يتصرف فى المبيع قبل دفع الثمن الا برضا البائع والمقرض ههنا لم يبح له التصرف الا بشرط‍ صحيح وان فى صحة هذا الشرط‍ حثا للناس على فعل القرض وتحصيل أنواع البر وغير ذلك (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى ان كل قرض شرط‍ فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر رحمة الله تعالى: أجمعوا على أن للمسلف اذا شرط‍ على المستسلف زيادة او هدية فاسلف على ذلك فان أخذ الزيادة على ذلك ربا وقد روى عن أبى بن كعب وابن عباس وابن مسعود رضى الله تعالى عنهم أنهم نهوا عن قرض جر منفعة ولان عقد القرض عقد ارفاق وقربة فاذا شرط‍ فيه الزيادة أخرجه عن موضعه، ولا فرق بين الزيادة فى القدر او فى الصفة مثل ان يقرضه مكسرة ليعطيه صحاحا أو نقد اليعطيه خيرا منه. وان شرط‍ ان يعطيه اياه فى بلد آخر وكان لحمله ومؤنة لم يجز لأنه زيادة وان لم يكن لحمله مؤنة جاز وحكاه ابن المنذر


(١) نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ‍ المنهاج للرملى ج ١ ص ٢٢٥، ص ٢٢٦ الطبعة السابقة.