قدومه من سفره. إلا أن له أن يسافر معه حتى إذا حل الأجل منعه من المضى فى سفره إلى أن يوفيه دينه. فإن كان الدائن يتضرر من سفره هذه فالراجح أن من حقه أن يطالب المديون باعطاء كفيل قبل سفره. وقيل: ليس له أن يطالبه باعطاء الكفيل وإن قرب حلول الأجل. وقيل: إن عرف المديون بالمطل والتسويف ألزمه الدائن باعطاء كفيل عنه وإلا فلا.
[مذهب المالكية]
يحبس المديون المجهول حاله يسارا واعسارا اذا ادعى الافلاس ولم يعلم صدقه، اختيارا لحالة ومحل ذلك ما لم يطلب تأخير حبسه مدة من الزمن حتى يثبت افلاسه، فان طلب ذلك وقدم كفيلا بالوجه أو بالمال فانه لا يحبس. ثم ان أثبت افلاسه خلال هذه المدة، وحلف أنه لا مال له أنظر ولم يحبس.
وان هرب أوغاب عند الأجل قبل أن يثبت افلاسه أو بعد أن أثبته بالبينة وقبل أن يحلف فإن الكفيل يغرم ما على المديون من دين إلا أن يثبت الكفيل إفلاس المديون المكفول عنه فإن أثبته وكان المديون ممن لا يظن به كتمان المال والمماطلة فلا يغرم لأنه انما ضمنه ليثبت افلاسه وهذا هو المشهور.
وقال ابن رشد: يغرم الكفيل الدين فى هذه المسألة حتى ولو أثبت افلاس المديون لأن يمين المديون نفسه يتوقف عليها افلاسه. وكذلك يحبس المديون الظاهر من حالة اليسار اذا ادعى الافلاس ولم يطلب تأخير حبسه لاثبات افلاسه أو لقضاء دينه. فان طلب ذلك أجيب اليه فلا يحبس، ويؤجل مدة أقصاها خمسة أيام بشرط أن يقدم كفيلا بالمال خلال هذه المدة. وكذلك يحبس معلوم اليسار ان ادعى الافلاس. ولا يندفع عنه هذا الحبس مهما طال الا اذا أدى الدين أو شهدت له بينة بذهاب ما كان بيده من مال. أما لو شهدت له بينة بافلاسه وفقره فلا يطلقه القاضى بذلك سواء قبل الحبس أو بعده. وفيما عدا معلوم اليسار هذا ان أثبت كل من ذكر افلاسه - ولو قبل حبسه - على الوجه السابق ذكره فى اثبات الافلاس فانه يحكم بانظاره الى أن يوسر، فلا يحبس ولا يطالب بما عليه قبل ذلك، للآية السابق ذكرها. وكذلك ينظر المديون المجهول الحال يسارا واعسارا اذا حبس لعجزه عن اثبات افلاسه وطال حبسه بحيث يغلب على الظن أنه لو كان عنده مال ما صبر على الحبس هذه المدة، فيخرجه القاضى من الحبس ويخلى سبيله بعد حلفه انه لا مال له ظاهرا ولا باطنا وان وجد مالا ليقضين الدائنين حقهم. ويرجع فى تقدير مدة حبسه هذه طولا وقصرا الى رأى القاضى واجتهاده لأنه يدخل فى تقدير ذلك قدر الدين قلة وكثرة وحال المفلس فليس الوجيه كالحقير ولا القوى كالضعيف. أما ظاهر اليسار فانه لا ينظر ولا يخرج من حبسه الا بشهادة بينة بأفلاسه مهما طال حبسه وهذا كله فى غير معلوم الاعسار فانه يجب انظاره ابتداء ولا يحبس، للآية السابقة. وكذلك لا يحتبس الوالدان نسبيا فى دين ولدهما مطلقا سواء كانا مفلسين أم لا. الا أن الأب يحبس فى نفقة ولده الصغير اذا امتنع من الانفاق عليه. أما الولد فيحبس فى دين أبيه وأمه، وكذلك يحبس الجد والجدة فى دين والد الولد، لأن حظ الجد دون حظ الأب فى الجملة واذا كان المديون غير بالغ فلا يحبس. ولا يجوز الحبس فى الدين اذا تمكن القاضى من استيفائه من مدعى الافلاس بأى طريق. فاذا وجد له أى شئ يباع فى دينه سواء كان رهنا أم لا باعه ولم يحبسه وكذلك اذا رأى عليه فى الحبس من الثياب والقماش ما يمكن استيفاء الدين منه أخذه منه قهرا وباعه فيما عليه من دين ولا يحبسه، لأن فى ذلك تعجيلا لدفع الظلم وايصال الحق لمستحقه بحسب الامكان. وتحبس النساء عند امرأة أمينة، سواء كانت منفردة عن الرجال او ذات رجل امين معروف بالخير والصلاح من زوج أو أب أو ابن.
واذا حبس الأخوان معا فى دين عليهما فانه لا يفرق بينهما، ومثلهما اذا حبس اى واحد من الأبوين مع ولده وغيرهما من الاقارب. وكذلك اذا حبس الزوجان فى دين فطلب الدائن أن يفرق بينهما.