للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى ماليا ولا يصح الحجر للافلاس بالدين الا من القاضى اذ ولاية الاموال اليه. ويصح منه ولو كان المديون المطلوب الحجر عليه غائبا. والحجر هو أن يقول القاضى: حجرت عليك التصرف فى مالك، أو منعتك من التصرف، أو حصرتك أو عزلتك عن التصرف فى مالك وما فى معناه. ويدخله التعميم نحو أن يقول القاضى: حجرتك عن التصرف فى كل شئ من مالك. كما يدخله التخصيص أيضا اما بزمان نحو حجرتك سنة، أو بمكان نحو حجرتك عن التصرف فى غير بلدك، أو فى سلعة نحو حجرتك عن التصرف فى السلعة الفلانية، أو فى قدر من المال نحو حجرتك عن التصرف فى ثلث مالك أو فى شخص معين نحو حجرتك أن تبيع لفلان، اذ لا مانع من حجر البعض كالكل. ولا يصح تعليقه بمستقبل عند الامام يحيى اذ هو أمر ناجز فلا يعلق بمجهول والاقرب عند صاحب البحر الزخار صحته وإنما يصح الحجر على المديون بدين حال لا بدين مؤجل قبل حلول أجله وإن كان يدخل فى الحجر تبعا للدين الحال. وهذا إن لم يخش القاضى ضياع المال قبل حلول الاجل والا كان له أن يحجر عليه وكذا اذا رأى القاضى فى ذلك اصلاحا - ويصح الحجر لكل دين سواء كان نقدا أو غيره. وليس للقاضى أن يحجر على المديون الا اذا طلب ذلك خصومه وهم أصحاب الدين فلو حجر عليه من غير طلب لم يصح حجره ولا يجوز. ولا يشترط‍ اقامة الدعوى من كل الدائنين، بل يكفى أى يطلب احدهم الحجر على المديون المفلس فإنه يلزم القاضى أن يحجر عليه لذلك الطلب، ويكون هذا حجرا عليه لكلهم ولو كانوا غائبين. وهذا اذا أطلق القاضى الحجر. أما لو قال: حجرت عليك حتى توفى فلانا دينه لم يكن للكل فلا يرتفع الحجر عنه الا بفك بقية الدائنين الحجر له حجرا لغيره. والصحيح أنه يكون حجرا الذين دخلوا تبعا واذا ادعى رجل دينا على شخص وطلب الحجر عليه قبل أن يقيم البينة على الدين جاز للقاضى إن يحجر عليه ولو قبل اثبات الدين بثلاثة ايام، وهذا اذا غلب على ظن القاضى صدق المدعى والا لم يصح الحجر عليه. ولا يشترط‍ ذكر الايام الثلاثة فإن بين المدعى خلالها استمر الحجر والا بطل ويستحب للقاضى أن يشهد على الحجر بسبب الافلاس ويأمر مناديا فى البلد: أن فلانا قد حجر عليه القاضى لئلا يفتر الناس، وليمضيه القاضى الآخر إن مات الاول ولا يحتاج الى تجديد. (١)

ويصح الحجر على الموسر المديون حيث خشى من اخفاء لماله أو تفريط‍ فيه، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» وقوله: «ليس على مال امرئ توى» ويتناول الحجر المال الزائد على الدين «فلا يتصرف المحجور عليه فيه أيضا.

وهذا هو المذهب فى الحجر على المديون المفلس وغيره. وقال زيد بن على والناصر: أنه لا يجوز على المديون سواء كان مفلسا أم لا. بل يحبسه القاضى حتى يقضى دينه لقوله صلّى الله عليه وسلّم:

«لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيبة من نفسه» (٢).

[مذهب الإمامية]

اذا جاء دائنو المفلس الى القاضى وسألوه الحجر عليه لافلاسه بديونهم فإن هذا يكون سببا فى أنه يجب على القاضى أن يحجر عليه فى ماله إلا مقدار نفقته. ولا يثبت الحجر على المفلس الا بحكم القاضى. وكذلك الولاية على المفلس فى ماله للقاضى دون غيره. ولا يتحقق الحجر على المفلس الا بشروط‍ خمسة.

الاول: المديونية:

الثانى: اثبات الدائنين لديونهم عند القاضى لأن


(١) شرح الازهار ج ٤ ص ٢٨٤ - ٢٨٥ الطبعة السابقة، التاج المذهب ج ٤ ص ١٦٠ - ١٦١ مطبعة الحلبى الطبعة الاولى سنة ١٣٦٦ هـ‍، البحر الزخار ج ٥ ص ٨٩ - ٩١ مطبعة الخانجى الطبعة الاولى سنة ١٣٦٨ هـ‍
(٢) البحر الزخار ج ٥ ص ٩١ والتوى الهلاك والضياع من توى نرضى.