للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه لم يصبها الهدم، لنسبته الى تقصير حينئذ اذ الغرض انتفاء عذره كما بحثه الأذرعى.

وأخذ السبكى من تمثيلهما لما لا ينتفع بها فيه بجنح ليل شتاء تقييد ذلك بما اذا اعتيد الانتفاع بها فى ذلك الوقت، لأن الربط‍ لا يكون سببا للتلف الا حينئذ.

والأوجه أن الحاصل بالربط‍ ضمان جناية لا يد فلا ضمان عليه لو لم تتلف بذلك خلافا لما رجحه السبكى وتبعه الزركشى.

ولو اكتراها ليركبها اليوم ويرجع غدا فأقامه بها ورجع فى الثالث ضمنها فيه فقط‍ لاستعماله لها فيه متعديا.

ولو اكترى قنا لعمل معلوم ولم يبين موضعه فذهب به من بلد العقد الى آخر فأبق ضمنه مع الأجرة أيضا.

ولو تلف المال فى يد أجير بلا تعد كثوب استؤجر لخياطته أو صبغه لم يضمن ان لم ينفرد باليد بأن قعد المستأجر معه أو أحضره منزله.

وكذا ان انفرد باليد فلا يضمن فى أظهر الأقوال، لأنه انما أثبت يده لغرضه وغرض المالك فهو شبيه بالمستأجر وعامل القراض وهما لا يضمنان بالاجماع.

وقيل: يضمن كالمستعير.

وقيل: يضمن الأجير المشترك بين الناس بقيمته يوم التلف - والأجير المشترك هو من التزم عملا فى ذمته كخياطة.

أما الأجير المنفرد - وهو من أجر نفسه مدة معينة لعمل - فلا يضمن لاختصاص منافعه بالمستأجر فكان كالوكيل (١).

ولو تعدى المستأجر فى ذات العين المستأجرة بأن ضرب الدابة مثلا أو كبحها فوق العادة أو أركبها أثقل منه أو أسكن فى المنزل حدادا أو قصارا ضمن العين المؤجرة بخلاف ما هو العادة فلا يضمن به (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى والشرح الكبير أن العين المستأجرة أمانة فى يد المستأجر ان تلفت بغير تفريط‍ لم يضمنها.

قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن الذين يكرون المظل أو الخيمة الى مكة فيذهب من المكترى بسرق أو بذهاب هل يضمن؟ قال: أرجو أن لا يضمن وكيف يضمن؟ اذا ذهب لا يضمن ولا نعلم فى هذا خلافا، وذلك لأنه قبض العين لاستيفاء منفعة يستحقها منها فكانت أمانة كما لو قبض العبد الموصى له بخدمته سنة أو قبض الزوج امرأته الأمة. واذا انقضت المدة فعليه أن يرفع يده عنها وليس عليه الرد. أومأ الى ذلك فى رواية ابن منصور، فقيل له: اذا اكترى دابة أو استعار أو استودع فليس عليه أن يحمله؟ فقال


(١) نهاية المحتاج ج ٥ ص ٣٠٧، ص ٣٠٨.
(٢) المرجع السابق ٥ ص ٣٠٩.