للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاضطرار فى باب الصوم]

للاضطرار فى باب الصوم صور متعددة: منها ما قرره الفقهاء من أن الصوم اذا ترتب عليه خوف الموت أو شدة الأذى مثل تلف عضو من أعضائه فانه فى مثل هذه الحالة له الافطار حفظا للنفس من الهلاك ولقوله تعالى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ،} ومن هذه الصور أيضا الحامل والمرضع اذا كان صومهما يؤدى الى هلاك الجنين أو الطفل فانه يجب عليهما الافطار غير أنه يشترط‍ فى المرضع أن لا تجد مرضعا سواها أو أن لا يقبل الطفل غيرها حتى تنحقق حالة الاضطرار.

وبيان هذه الحالات وما يماثلها يرجع اليها فى مصطلح (صوم).

[الاضطرار فى باب الحج]

الاضطرار فى باب الحج له تطبيقات عديدة منها ما يتعلق بشرط‍ الاستطاعة فمن ملك زادا وراحلة ولكنه لا يأمن الطريق هو فى الحقيقة غير مستطيع وقد قال الفقهاء ان الخوف على النفس أو العرض أو المال يتنافى مع شرط‍ الاستطاعة، ولهم فى ذلك تفصيل يرجع اليه فى موضعه (ينظر استطاعة وحج).

ومن تطبيقات الاضطرار فى باب الحج ما يتعلق بمحظورات الاحرام فقد قال الله تعالى: {(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)،} وقد قرر بعض الفقهاء أن الضرر اللاحق به اذا كان من نفس الشعر فله ازالته بغير فدية كحالة الاضطرار الناشئة عن الصيال الذى يباح دفعه شرعا واذا كان الاذى من غير الشعر وانما من الحشرات الموجودة فيه مثلا، حيث لا يتمكن من ازالة الأذى الا بازالة الشعر فان عليه الفدية لانه قطع الشعر لازالة ضرر غيره، فأشبه الاكل فى حالة المخمصة، وهذا تطبيق دقيق للاضطرار وللفقهاء فى ذلك تفصيلات وأقوال يرجع اليها فى موضعها.

(انظر احرام).

ومن تطبيقات الاضطرار فى هذا الباب أيضا: الصد والاحصار المشار اليه فى قوله تعالى: «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» فقد عبر بعض الفقهاء صراحة أن المحصور مضطر كما أنهم قالوا فى تعريف الاحصار شرعا: أنه حصول مانع اضطرارى عقلى أو شرعى من اتمام ما أحرم له كخوف أو حبس أو مرض (١)، وللاحصار أحكام تفصيلية نص عليها الفقهاء تراجع فى محلها (ينظر احصار).

ومع ذلك فان للاضطرار فى باب


(١) البحر الزخار ج ٢ ص ٣٨٧.