د - أغراض التدوين:
والفقه، كغيره من العلوم والفنون، كان تدوينه فى العصور المختلفة لتحقيق الأغراض الآتية:
أولا - نقل المحفوظ فى الصدور، وقيده فى الأوراق، ليبقى محفوظا لا يذهب بذهاب أهله، ويكون مجموعا فى الأوراق بدلا من تفرق مسائله لدى الأفراد الذين يكون عند أحدهم ما لا يكون عند الآخرين. وهذا هو الغرض الأساسى لأصل التدوين.
ثانيا - ترتيب هذه المجموعات ترتيبا يجعل مسائلها متآلفة. ويكون منها مؤلفات متناسقة من غير تصرف فى عبارات واضعيها. كما وقع فى ترتيب كتب محمد بن الحسن وغيره من المؤلفين الأولين.
ثالثا - شرح هذه المؤلفات بإيضاح معانيها، وإيراد دلالتها من الكتاب والسنة، وذكر الروايات المختلفة فى المسائل.
رابعا - اختصار المؤلفات المبسوطة، بحذف ما تكرر فيها، وايراد مسائلها بعبارات موجزة جامعة، ليسهل على طلاب الفقه استيعابه فى غير ملل وتقصير.
خامسا - شرح هذه المختصرات شروحا مبسوطة أو متوسطة أو وجيزة على قدر الحاجة، وأخيرا التعليق على هذه المختصرات وشروحها بما يكشف عن عوامضها ويصحح أخطاءها، ويخصص عامها، ويقيد مطلقها، وغير ذلك مما يتعلق بها.
وعرفت هذه التعليقات باسم الحواشى لأنها كانت تكتب فى حواشى أوراق الشروح. ثم وجد أخيرا جدا بجانب الحواشى تقريرات هى تعليق على ما جاء بهذه الحواشى وشروحها.
سادسا - إصلاح المختصرات الأولى بمختصرات أخرى تقضى على ما أخذ على الأولى وتضيف إلى مسائلها ما قصرت فى إيراده أو ما حدث بعدها من المسائل.
وكانت لهذه المختصرات شروحها والتعليق عليها، ثم ما اشتق منها من المختصرات.
سابعا - تدوين اختلاف الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقد يكون بإيراد المذاهب والأقوال مجردة، أو مع إشارات موجزة للدلائل بدون توسع فيها.
ثامنا - العناية بآيات الأحكام والتأليف فى تفسيرها خاصة، وبيان آراء المجتهدين فيما استنبط منها. وكذلك العناية بأحاديث الأحكام والسير فى شرحها على هذه الشاكلة.
تاسعا - تدوين القواعد الكلية وأصول المسائل التى انبنى عليها التفريع فى المذاهب المختلفة، وكانت متفرقة فى كلام الأئمة المجتهدين، ومنشورة فى مختلف الأبواب.
عاشرا - الجمع بين المسائل المتشابهة مختلفة الأحكام وبيان ما بينها من الفروق التى دعت إلى اختلاف أحكامها. وهذه المؤلفات هى المسماة بكتب الفروق.
حادى عشر - وحرصا على تثبيت الأحكام الدقيقة فى الأذهان، لم يكتفوا فى هذا بكتب الفروق ووضعوا هذه المسائل على صورة ألغاز، ودونوا فيها كتب الألغاز الفقهية.
ثانى عشر - الانتصار لرأى معين فى مسألة أو مسائل معينة، بتحقيق ما ورد