للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجد ذلك؛ أشبه ما لو قطع ذكره مع أنثييه؛ وإن ولدت مطلقة رجعية بعد أربع سنين - منذ طلقها زوجها وقبل انقضاء عدتها لحق نسبه؛ أو ولدت رجعية لأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها ولو بأقراء لحق نسبه بالمطلِّق؛ لأن الرجعية في حكم الزوجات في أكثر الأحكام أشبه ما قبل الطلاق. (١)

[مذهب الظاهرية]

جاء في (المحلى): إن كانت المرأة الملاعنة حاملًا فبتمام الالتعان منهما جميعًا ينتفى عنه الحمل؛ ذكره أو لم يذكره. إلا أن يقرَّ به فيلحقه ولا حَدَّ عليه في قذفه لها مع إقراره بأن حملها منه إذا التعن، فلو صدقته هي فيما قذفها به وفى أن الحمل ليس منه حُدَّتْ، ولا ينتفى عنه ما ولدت بل هو لاحقٌّ به؛ فإن لم يلاعنها حتى وضعت حملها فله أن يلاعنها لدرء الحد عن نقسه. وأما ما ولدته فلا ينتفى عنه بعد أصلًا فلو طلقها وقذفها في عدتها منه لاعنها … ولا يضره إمساكها ووطؤها بعد أن قذفها بل يلاعنها متى شاء (٢).

ثم قال ابن حزم: إنه بتمام التعانه والتعانها ينتفى عنه لحاق حملها إلا أن يُقرَّ به؛ وسواء ذكره أو لم يذكره إذا انتفى عنه قبل ذلك فذلك لما رويناه من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر - رضى الله عنه - قال: "لاعن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين رجل وامراته فانتفى عنه ولده ففرق بينهما، والحق الولد بالمرأة" (٣).

وعن سهل بن سعيد قال: إن عويمرًا العجلانى … وذكر حديث اللعان؛ وفيه: "فكانت حاملًا فكان الولد إلى أمه" (٤).

قال ابن حزم: إنه إن لم يلاعنها حتى ولدت لاعن لإسقاط الحد فقط، ولا ينتفى ولدها منه؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الولد لصاحب الفراش" (٥) فصح أن كل من ولد على فراشه ولد فهو ولده إلا حيث نفاه الله تعالى على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو حيث يوقن بلا شك أنه ليس هو ولده؛ ولم ينفه - صلى الله عليه وسلم - إلا وهى حامل باللعان فقط، فيبقى ما عدا ذلك على لحاق النسب. ولذلك قلنا: إن صدقته في أن الحمل ليس منه فإن تصديقها له لا يلتفت إليه؛ لأن الله تعالى يقول: "ولا تكسب كل نفس إلا عليها" (٦) فوجب أن إقرار الأبوين لا يصدق على نفى الولد فيكون كسبًا على غيرهما، وإنما نفى الله عز وجل الولد إن كذبته الأم والتعنت هي والزوج فقط؛ فلا ينتفي في غير هذا الموضع. (٧)

[مذهب الزيدية]

جاء في "شرح الأزهار": أن الزوجة تطلب اللعان لأحد غرضين: إما لنفى الولد من الأب، وتصير عصبته عصبة أمه؛ وينقطع حكم الأبوة بينه وبين من نفاه؛ وإما لإثبات حد القذف على الزوج. (٨)

وإنما يحكم بالفسخ والنفى إن طلب ذلك بعد الأيمان؛ فلو لم يطالب بالحكم لم يحكم فيسقط الحد عنهما متى حكم الحاكم بالنفى والفسخ. وينفى النسب إن كان ثم ولد؛ وينفسخ النكاح بينهما ويرتفع الفراش وتحرم عليه تحريمًا مؤبدًا.


(١) شرح منتهى الإرادات ٣/ ٣١٥ - ٣١٨.
(٢) المحلى: ١٠/ ١٤٤ بتصرف.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرجه مسلم بمعناه (٢/ ١١٣٠) كتاب اللعان. حديث رقم (١٤٩٢).
(٥) سبق تخريجه.
(٦) سورة الأنعام، الآية: ١٦٤.
(٧) المحلى: ١٠/ ١٤٧ بتصرف.
(٨) شرح الأزهار: ٢/ ٥١٤.