للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا نفى الزوج ولدًا ثم فرق الحاكم بينهما ثم ولدت آخر فإنه يكفى هذا اللعان لمن ولد بعده لدون أدنى الحمل إذا نفاه الزوج أو لم ينفه ولا أقرَّ به؛ فإن أقرَّ به حُدَّ ولزمه الولد؛ لأنه حمل واحد؛ ولو نفى ولدًا ثم وقع اللعان بينهما والحكم بالنفى ثم أكذب نفسه بعد ذلك وأقر بالولد فإنه يصح الرجوع من الزوج عن النفي، فإن رجع الزوج وأكذب نفسه بعد موت الولد المنفى لم يرثه هذا الأب الملاعن.

قيل: وإن لحقه ولده قال بعض المذاكرين: وإن كان للولد المنفى ولدٌ لحق نسبه بالأب الملاعن وكان جدًّا لابن المنفى ولا يرث منه شيئًا؛ لأنه أقر بحق له وهو الإرث فلا يصادق؛ لأنه أقر بحق له وبحق عليه؛ وهو لحوق النسب به فيصح إقراره.

قال مولانا المهدى عليه السلام وفيما ذكره ضعف؛ لأنه خلاف ما حكاه أبو جعفر في (شرح الإبانة) عن الهادى عليه السلام لأنه قال: إن لم يكن للولد المنفى ولد لم يثبت نسبه ولا ميراثه؛ وإن كان له ولد ثبت نسبه وميراثه عن الهادى عليه السلام.

وقال الناصر: يثبت نسب الولد المنفى الميت سواء كان له ولد أم لا؛ ولا يصح من الرجل نفى الولد بعد الإقرار به. قال المهدى عليه السلام: ولا أحفظ خلافًا في ذلك؛ لأن ذلك يجرى مجرى الرجوع عن الإقرار بحق الغير وذلك لا يصح، وإذا نفى الولد بعد السكوت حين العلم به وحين علم أن له النفى وسكت عن نفيه في تلك الحال فإنه لا يصح له أن ينفيه من بعد.

قال المذاكرون: هذا إذا سكت سكوت استبشار، فأما لو سكت سكوت إنكار كان له أن ينفيه بعد السكوت. قال مولانا المهدى عليه السلام ولا معنى لهذا الاشتراط إلا إذا قدرنا أنه علم بالولد ولم يعلم أن له النفى، فأما إذا علم أن له النفى وسكت؛ لم يكن له أن ينفيه بعد؛ لأن نفى الولد على الفور واجب؛ فأما لو علم بحدوث الولد ولم يعلم أن له نفيه كان له نفيه متى علم أن له نفيه. قال في اللمع؛ وإن نفى الولد بعد زمان طويل من وقت الولادة وجب اللعان بينهما. وقال المؤيد بالله: إذا لم ينفه بعد ولادته لم يكن له نفيه سواء كان عالمًا أن له النفى أم لا. ولا يصح نفى الولد بدون حكم ولعان؛ فلو تصادق الزوجان على نفى الولد ولم ينتف؛ وكذا لو التعنا ولم يقع بينهما حكم؛ أو حكم الحاكم من دون لعان لم يصح النفى.

وقال المنصور بالله: إذا تصادقا على أنها زانية وأنه ليس مته الولد لم يلزمه ذلك الولد وتُحد المرأة (١).

ولا يصح النفى لمن مات أو مات أحد أبويه قبل الحكم بالنفى أيضا لبعض بطن دون بعض، فلو ولدت المرأة توأمين لم يصح نفى أحدهما دون الآخر؛ وكذا لو نفاهما جميعًا ثم مات أحدهما قبل الحكم فإنه يبطل نفيهما جميعًا. وكذا لو نفى ولدًا لها والتعنا وحكم حاكم ثم جاءت بولد لدون ستة أشهر من يوم اللعان فإن الآخر ينتفى نسبه بانتفاء نسب الأول. وإن أقر بالثانى ثبت نسب الأول أيضًا. ولا يصح النفى أيضًا لبطن ثان لحقه بعد اللعان. فلو وقع اللعان لنفى الولد وحكم الحاكم؛ ثم جاءت بولد بعد ذلك


(١) انظر: شرح الأزهار ١/ ٥١٦ - ٥١٨.