للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويستثنى من ذلك: ما اذا أعاره شيئا لينتفع به انتفاعا يلزم من الرجوع فى أثنائه ضرر بالمستعير فلا يجوز للمعير أن يرجع فى الاعارة ويسترد العارية فى مثل ما اذا أعاره سفينة لحمل متاعه، أو أعاره لوحا يرقع به سفينة فرقعها به ولجج فى البحر لم يجز الرجوع ما دامت فى البحر حتى ترسى.

وله الرجوع قبل دخول البحر.

وان أعاره حائطا ليضع عليه أطراف خشبة جاز.

وله الرجوع ولو بعد وضعه ما لم يبن المستعير عليه لأنه لا ضرر فيه. فان بنى عليه لم يجز للمعير الرجوع لما فى ذلك من هدم البناء حتى ولو قال للمستعير: أنا أدفع اليك أرش ما نقص بالقلع، لم يلزم المستعير ذلك لأنه اذا قلعه انقلع ما فى ملكه منه.

ولا يجب على المستعير قلع شئ من ملكه بضمان القيمة وان انهدم الحائط‍ وزال الخشب عنه أو ازاله المستعير باختياره، أو سقط‍ الخشب والحائط‍ بحاله، لم يملك المستعير اعادته الا بأذن المعير، لأن الاعارة لا تلزم وانما امتنع الرجوع قبل انهدامه وغيره لما فيه من الضرر بالمستعير بازالة المأذون فى وضعه وقد زال ذلك (١).

وكذلك ان أعاره أرضا لدفن ميت فلا يرجع الى أن يندرس أثره. وان أعاره شيئا وأذن له فى اجازته مدة معلومة فليس للمعير الرجوع بعد عقد الاجارة حتى ينقضى لأن عقد الاجارة لازم.

وحيث كان الرجوع يضر بالمستعير فلا أجرة عليه للمعير منذ رجع الى أن يزول الضرر، لأن بقاء ذلك بحكم الاعارة، ولأنه لا يملك الرجوع فى المنفعة فى حال تضرر المستعير فلا يملك طلب بدلها. الا فى الزرع اذا رجع المعير قبل أوان حصده فله أجرة مثل الأرض - كما سيأتى فى اعارة الأرض للزرع (٢).

[مذهب الظاهرية]

للمعير أن يرجع فى اعارته ويأخذ ما أعار متى شاء، سواء عين مدة أو لم يعين، أشهد أو لم يشهد، لأنه لا يحل مال أحد بغير طيب نفس منه إلا بنص، ولا نص فى هذا.

وتعيينه المدة وعد، والوعد لا يلزم الوفاء به - وان كان يكره له ذلك والافضل أن يفى به - لأنه شرط‍ ليس فى كتاب الله، فهو باطل.

أما ارتجاعه العين المعارة متى شاء فلأنه لم يهب الاصل ولا الرقبة. فلا يجوز من ماله الا ما طابت به نفسه، وللمعير أن يأخذ ما أعاره متى أحب بلا تكليف عوض، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام» (٣).


(١) من المغنى والشرح الكبير ج ٥ ص ٣٦٥ و ٣٦٦، ٣٦٢
(٢) من كشاف القناع وشرح المنته بهامشه ج ٢ ص ٣١٧، ٣٢٠، ٣٢٢، ٣٣٤
(٣) المحلى ج ٩ ص ١٦٨، ١٦٣، ١٦٤ رقم ١٦٤٩، ١٦٤٧، ١٢٦ من ج ٧