للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مصطلح "إنكار"

[التعريف في اللغة]

جاء في لسان العرب: إنكار مصدر للفعل أنكر المزيد بالهمزة، ومجرده نكر، والنُّكْر والنكراء: الدهاء والفطنة.

والإنكار: الجحود. والمناكرة: المحاربة. وناكره أي قاتله؛ لأن كل واحد من المتحاربين يناكر الآخر أي يداهيه ويخادعه (١).

[التعريف في اصطلاح الفقهاء]

استعمل الفقهاء لفظ إنكار بمعنى الجحود، وعدم الاعتراف.

فقد جاء في الشرح الكبير: النُّكْر بالضم: عدم الاعتراف (٢).

ولذلك يعبرون تارة بلفظ أنكر، وتارة بلفظ جحد، وتارة بلفظ لم يقر بالحق، أو لم يعترف، وهم يقصدون بذلك كله معنى واحدًا.

[إنكار النكاح وما يتعلق به أو إنكار شرط من شروطه وما يترتب على ذلك.]

[مذهب الحنفية]

أولًا: إنكار أصل النكاح:

جاء في (المبسوط): إذا ادعى الرجل نكاح امرأة فأقام عليها البينة وأقامت أختها عليه البينة أنها امرأته وأنه أتاها كزوج فالقول قول الرجل والبينة بينته صدقته أو لم تصدقه؛ لأن ملك النكاح على المرأة للزوج، ولهذا كان البدل عليه لها؛ فالزوج يُثبت ببينته ما هو حقه، والأخت الأخرى تثبت ببينتها حق الزوج؛ وهو ملك النكاح له عليها، المرء على حق نفسه عليه لها، فالزوج يُثبت ببينته ما هو حقه، والأخت الأخرى تثبت ببينتها حق الزوج؛ وهو ملك النكاح له عليها، وبينة المرء على حق نفسه أولى بالقبول. ولأنه عند تعارض البينتين لا وجه للعمل ببينة الأخت في إثبات نكاحها؛ فلو قبلناها إنما نقبلها في نفى النكاح على امرأة أثبت الزوج نكاحها، والبينات للإثبات لا للنفى، ومعنى هذا أن دعوى الزوج نكاح إحدى الأختين إقرار منه بحرمة الأخرى عليه في الحال، وإقراره موجب للفرقة، فعرفنا أنه لا وجه للقضاء بنكاح الأخرى. فبقيت تلك البينة قائمة على النفى، ولا مهر للأخرى إن لم يكن دخل بها؛ لأن أصل نكاحها لم يثبت، ولو كان الزوج أقام البينة أنه تزوج إحداهما ولا تعرف بعينها غير أن الزوج قال: هي هذة، فإن صدقته فهى امرأته؛ لتصادقهما، فإنَّ تصادقهما في حقهما أقوى من البينة، فإن جحدت ذلك فلا نكاح بينه وبين واحدة منهما؛ لأن الشهود لم يشهدوا على شئ بعينه، والشهادة بالمجهول لا تكون حجة. ولأنه إما أن يكون قد تزوج إحداهما بغير عينها فيكون ذلك باطلًا، أو تزوج إحداهما بعينها ثم نسيها الشهود فقد ضيعوا شهادتهم، فإذا بطلت الشهادة بقى دعوى الزوج، ولا يثبت النكاح بدعوته، ولا يمين له على التي يدعى النكاح عليها عند أبى حنيفة - رحمه الله تعالى - لأنه لا يرى الاستحلاف في النكاح، ولا مهر عليه إن لم يكن دخل بها، وكذلك لو قامت البينة لامرأة بعينها أن أحد هذين الرجلين تزوجها ولا يعرفون أيهما هو، والرجلان ينكران ذلك فهو باطل، ولا مهر على واحد منهما، فإن ادعت المرأة ذلك على أحدهما فلا يمين عليه في


(١) لسان العرب: ٢٢/ ٢٣٣ وما بعدها، مادة (نكر).
(٢) الشرح الكبير: ٢/ ٤٠٨.