للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[اعذار البغاة]

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع أن امام العدل ان علم ان الخوارج يشهرون السلاح ويتأهبون القتال فينبغى له أن يأخذهم ويحبسهم حتى بقلعوا عن ذلك ويحدثوا توبة، لأنه لو تركهم سعوا فى الأرض بالفساد، فيأخذ على أيديهم ولا يبدؤهم الامام بالقتال حتى يبدأوه لأن قتالهم لدفع شرهم لا لشر شركهم لأنهم مسلمون فما لم يتوجه الشر منهم لا يقاتلهم، وان لم يعلم الامام بذلك حتى تعسكروا وتأهبوا للقتال فينبغى له أن يدعوهم الى العدل والرجوع الى رأى الجماعة أولا لرجاء الاجابة وقبول الدعوة كما فى حق أهل الحرب، وكذا روى أن سيدنا عليا رضى الله تعالى عنه لما خرج عليه أهل حروراء ندب اليهم عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهم ليدعوهم الى العدل فدعاهم وناظرهم، فان اجابوا كف عنهم وان أبوا قاتلهم لقول الله عز وجل.

«فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ» (١).

وكذا قال سيدنا على رضى الله تعالى عنه أهل حروراء بالنهروان بحضرة الصحابة رضى الله تعالى عنهم تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا على انك تقاتل على التأويل كما تقاتل على التنزيل.

والقتال على التأويل هو القتال مع الخوارج، ولأنهم ساعون فى الأرض بالفساد فيقتلون دفعا للفساد على وجه الأرض.

وان قاتلهم قبل الدعوة فلا بأس فى ذلك لأن الدعوة قد بلغتهم لكونهم فى دار الاسلام ومن المسلمين أيضا (٢).

[مذهب المالكية]

جاء فى التاج والإكليل نقلا عن ابن عرفة رحمه الله تعالى انه لو قام على امام من أراد ازالة ما بيده فقال مالك رحمه الله تعالى ان كان مثل عمر بن عبد العزيز رضى الله تعالى عنه وجب على الناس الذب عنه واما غيره فلا.

قال ابن بطال رحمه الله تعالى: دعا على رضى الله تعالى عنه بعضهم الى القتال معهم فأبوا أن يجيبوه فعذرهم.

وكذلك يجب على الامام أن لا يعيب من تخلف عنه فى قتال البغاة (٣).


(١) الآية رقم ٩ من سورة الحجرات.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج ٧ ص ١٤٠ الطبعة الأولى طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍ - سنة ١٩١٠ م.
(٣) التاج والاكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق ج ٦ ص ٢٧٧ فى كتابه على هامش مواهب الجليل وشرح مختصر أبى الضياء خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن، المعروف بالحطاب للطبعة الأولى سنة ١٣٢٩ هـ‍، طبع مطبعة السعادة بمصر.