للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا الحاضر عن الغائب ولا الحى عن الميت. وهذا اذا لم يعلموا به حال القسمة. أما اذا كانوا عالمين به حالها فانه يرجع عليهم بحصته ولكن يأخذ الموسر عن المعسر والحاضر عن الغائب والحى عن الميت.

وكذلك اذا بيعت سلعة من مال المفلس قبل افلاسه ثم استحقت تلك السلعة من يد مشتريها بعد قسمة مال المفلس فان المستحق من يده وهو مشتريها - يرجع على كل واحد من الدائنين بالحصة التى كانت تنوبه فى القسمة فقط‍، أما ان كان المشترى قد اشتراها بعد الافلاس ثم استحقت بعد القسمة فانه يرجع على الدائنين بجميع الثمن الذى دفعه لا بالحصة فقط‍. لانه دائن طرأ على الدائنين، ولان الثمن المستحق قبل الافلاس من جملة الديون الثابتة فى الذمة فلا يتوهم فيه عدم الرجوع. ولا يأخذ المستحق منه فى الصورتين أحدا من الدائنين عن أحد كما سبق. وهذا اذا كان الدائن الطارئ غائبا وقت قسمة مال مديونه المفلس. أما ان كان حاضرا حالة القسمة وسكت عن المطالبة بدينه بلا عذر فانه لا يرجع على أحد بشئ ان ادعى دينا بعد ذلك على نفس المفلس لان سكوته يعد رضا منه ببقاء ما ينوبه فى ذمة المفلس. ويجرى هذا التفصيل فى حال حياة المفلس وكذلك فى حال موته. الا اذا كان الميت مشهورا بالدين أو علم وارثه أو وصيه بأنه مديون وأقبض الدائنين فان الدائن الطارئ يرجع بحصته على الوارث أو الوصى، لتفريطه واستعجاله، ويؤخذ موسر أو حاضر أو حى من الورثة من معسر وغائب وميت منهم ما لم يجاوز دين الدائن الطارئ ما قبضه الوارث لنفسه من التركة والا فلا يدفع له سوى ما قبضه فقط‍ ثم يرجع الوارث أو الوصى على الدائنين بما دفع للدائن الطارئ. وكذلك لو حضر انسان قسمة التركة ولم يدع شيئا من غير مانع يمنعه ثم ادعى بعد ذلك بدين فلا تسمع دعواه حيث حصل قسمة جميع التركة (١).

[مذهب الشافعية]

ان قسم القاضى مال المفلس على الدائنين ثم ظهر دائن كان يجب ادخاله فى القسمة بأن سبق دينه الحجر أو حدث دين سبق سببه الحجر ونحو انهدام ما أجره المفلس قبل الحجر وقبض أجرته وأتلفها سواء حدث الانهدام قبل القسمة أم بعدها. فان هذا الدائن الطارئ يشارك الدائنين فى كل ما ذكر فيما أخذوه بالحصة. ولا تنقض القسمة على الاصح، لحصول المقصود بالرجوع على الدائنين ومشاركتهم فلو قسم مال المفلس وهو خمسة عشر على دائنين لاحدهما عشرون وللاخر عشرة فأخذ الاول عشرة والاخر خمسة ثم ظهر دائن له ثلاثون رجع على كل واحد منهما بنصف ما أخذه. فان أتلف أحدهما ما أخذه وكان معسرا جعل ما أخذه وكان معسرا جعل ما أخذه كالمعدوم ورجع صاحب الدين الطارئ على الاخر ويكون ما أخذه هذا الاخر كأنه كل مال المفلس فلو كان المعسر هو اخذ الخمسة فى المثال المذكور استرد القاضى ممن أخذ العشرة ثلاثة أخماسها للدائن الذى طرأ ثم اذا أيسر المعسر أخذ منه الاخران ما كان يؤخذ منه لو لم يعسر - وهو النصف - وقسماه بينهما بنسبة دين كل منهما. وقيل: تنقض القسمة وتستأنف فيسترد القاضى منهما ما أخذاه، ويستأنف القسمة على الثلاثة. وهذا اذا تلف ثمن الشئ المستحق. أما ان كان باقيا فى مال المفلس فانه يلزمه رده. وقد سبق فى بيع مال المفلس وقمسته حكم استحقاق ما باعه القاضى أو نائبه من أموال المفلس (٢). وهذا كله اذا سبق الدين أو سببه الحجر على المفلس. أما اذا كان سبب وجوب الدين حادثا بعد افلاس المفلس والحجر عليه كما اذا باع شخص لمفلس متاعا بثمن فى ذمته فان كان البائع يجهل افلاسه فالاصح أن له الخيار بين فسخ البيع والرجوع فى عين متاعه


(١) شرح الخرشى بحاشية العدوى ج ٥ ص ٣١٥ - ٣١٧، الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقى ج ٣ ص ٢٧٤ - ٢٧٦، الشرح الصغير للدردير بحاشية الصاوى ج ٢ ص ١٤٥ - ١٤٦.
(٢) شرح منهج الطلاب بحاشية البجرمى ج ٢ ص ٣٧٢ - ٣٧٣، نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣١٩ - ٣٢٠، شرح المنهاج للمحلى بحاشية قليوبى ج ٢ ص ٢٨٩، اسنى المطالب للرملى ج ٢ ص ١٩١.