للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الرابع: قوله: - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" أمر بالقضاء ولو كان مأمورًا به بالأمر الأول لكانت فائدة الخبر التأكيد ولو لم يكن مأمورا به لكانت فائدة الأمر التأسيس وهو أولى من التأكيد لعظم فائدته ثم ذكر معارضة المخالفين من عدة أوجه:

أولها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" ومن فاته الوقت الأول فهو يستطيع الفعل في الثاني:

وأجاب عن ذلك بأن الخبر دليل على وجوب الإتيان بما أستطيع من المأمور به وهذا إنما يفيد لو كان الفعل في الوقت الثاني داخلا تحت الأول وهو محل النزاع.

الوجه الثاني: أن الأمر إنما يدل على طلب الفعل وليس الزمان مطلوبا به فاختلاله لا يؤثر في مقتضى الأمر وهو الفعل.

وأجاب: بأن الأمر اقتضى مطلق الفعل أو فعلا مخصوصا بصفة وقوعه في وقت معين. الأول ممنوع والثانى مسلم.

الوجه الثالث: أن الغالب من المأمورات في الشرع إنما هو القضاء بتقدير فوات أوقاتها المعينة ولابد لذلك من مقتض والأصل عدم كل ما سوى الأمر السابق فكان هو المقتضى.

وأجاب: بأن القضاء فيما قيل بقضائه إنما كان بناء على آدلة أخرى لا بالأمر الأول. وأما قولهم "الأصل عدم ما سوى الأمر الأول" فمردود بأن الأصل عدم دلالة الأمر الأول عليه.

الوجه الرابع: أنه لو وجب القضاء بأمر مجدد لكان آداء كما في الأمر الأول وما كان لتسميته اقضاء معنى.

وأجاب: بأنه إنما سمى قضاء لكونه مستدركا لما فات من مصلحة الفعل المأمور به أولا أو مصلحة وصفه كما تقدم تحقيقه.

الوجه الخامس: أن العبادة حق لله تعالى والوقت المفروض كالأجل لها ففوات أجلها لا يوجب سقوطها كما في الدين للآدمى، ولأنه لو سقط وجوب الفعل بفوات الوقت لسقط المأثم لأنه من أحكام وجوب الفعل ولأن الأصل بقاء الوجوب فالقول بالسقوط بفوات الأجل على خلاف مقتضى الأصل.

وأجاب بمنع كون الوقت أجلا للفعل المأمور به إذ الأجل عبارة عن وقت مهلة وتأخير المطالبة الواجب من أوله إلى آخره كما في الحول بالنسبة إلى وجوب الزكاة ولذلك لا يأتم بإخراج وقت الأجل عن قضاء الدين وإخراج الحول عن أداء الزكاة فيه ولا كذلك الوقت المقدر للصلاة بل هو صفة الفعل الواجب ومن وجب عليه فعل بصفة لا يكون مؤديا له دون تلك الصفة.

[٣ - ابن الحاجب]

قال العضد توضيحا لكلام ابن الحاجب في هذا المقام (١).

إن الأمر بفعل في وقت معين لا يقتضى فعله فيما بعد ذلك الوقت لا أداء ولا قضاء، فلو ثبت قضاء فبأمر مجدد نحو "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها". وقال بعض الفقهاء القضاء بالأمر الأول.

دليلنا: أنه لو وجب القضاء بالأمر الأول لكان


(١) شرح مختصر المنتهى جـ ٢ ص ٩٢.