للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الإباضية]

يرى الإباضية أن عقد الاجارة لا ينفسخ بوفاة المؤجر ولا بوفاة المستأجر بل يحل ورثة كل محله، أما لزوم العقد بعد ذلك وبقاؤه فمرده الى خلافهم فى لزوم العقد هل هو جائز أم لازم؟، واذا كان لازما فمتى يكون ذلك؟ وقد تقدم بيان هذا فى الكلام على لزوم العقد، غير أنه اذا استؤجر أجير لعمل معين فقبض أجرته قبل تمام العمل ثم توفى قبل تمامه فورثته بالخيار ان شاءوا أتموا العمل وليس لهم استرداد شئ من الأجر وان شاءوا فسخوا العقد واستردوا أجر ما لم يتم من العمل ذلك لأنهم قائمون مقام مورثهم ولا يجبرون على العمل اذ لم يلتزموه، وانما لهم الاتمام اذا أرادوا، وهذا اذا لم يكن العمل متعينا على مورثهم لا تقبل فيه انابة، فان كان كذلك انفسخ العقد بوفاته الا اذا رضى رب العمل بنيابتهم.

واذا مات رب العمل قبل اتمام الأجير العمل فان ورثته يكون لهم الخيار بين الابقاء على العقد وترك الأجير فى عمله الى اتمامه وبين فسخ العقد مع رد أجر ما لم يتم من العمل وهذا على القول بأن عقد الاجارة غير لازم، أما على القول بلزومه فليس لهم حق فسخه (١)

ثانيا: بتلف العين المستأجرة أو بزوال منفعتها التى استؤجرت من أجلها زوالا كليا اذا كانت معينة وذلك لانعدام محل العقد بذلك، فاذا استأجر شخص دابة معينة للركوب فنفقت أو استأجر حيوانا للحمل فتقرح ظهره الى درجة لا يستطيع معها الحمل أو أرضا فصارت سبخة أو علت الرمال عليها انفسخت الاجارة سواء أكان ذلك قبل استيفاء المنفعة أم فى أثنائها أما اذا كانت المنفعة باقية على وضع ناقص فان ذلك يكون عيبا يثبت الخيار به للمستأجر، وليس هذا محل خلاف بين المذاهب، وبناء على ذلك اذا استأجر دارا فانهدمت - ذهب بعض الفقهاء الى أن ذلك لا يذهب بجميع منافعها لامكان الانتفاع بعرصتها فى اقامة مخيم عليه وعلى ذلك لا ينفسخ العقد بذلك، وانما يكون للمستأجر الخيار، وذهب آخرون الى أن مثل هذه المنفعة الباقية لم يقصد اليها المستأجر، وعلى ذلك تعد منافعها المقصودة للعقد قد زالت فينفسخ العقد (٢) وهذا باتفاق بين جميع المذاهب.

ثالثا: غصب العين المستأجرة - ذهب بعض الحنفية الى أن الاجارة تنفسخ به وذهب آخرون منهم الى أنها لا تنفسخ، ولكن الأجرة تسقط‍ مدة الغصب فقط‍ ويكون للمستأجر بسبب الغصب خيار الفسخ، وفائدة الخلاف تظهر فيما اذا ردت العين قبل انتهاء مدة الاجارة، فعلى القول الأول لا يلزم المستأجر بأن ينتفع بالعين بقية المدة، وعلى الثانى يلزم بذلك، وعليه حصتها من الأجرة الا اذا كان قد اختار


(١) الايضاح ج‍ ٣ ص ٣٦٩، ٣٧١.
(٢) تحرير الأحكام ج‍ ٢ ص ٢٥٤، ٢٥٥ وكشاف القناع ج‍ ٢ ص ٣١٠ والدردير ج‍ ٤ ص ٣٠ والدر المختار ج‍ ٥ ص ٥٣، ٥٦ ونهاية المحتاج ج‍ ٥ ص ٣١٧ وتحفة المحتاج ج‍ ٣ ص ٥١٩. وتحرير الأحكام ج‍ ١ ص ٢٤٨ والدردير ج‍ ٤ ص ٢٠.