للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: إن امرأتى جاءت بولد أسود ونحن أبيضان. فقال: "هل لك من إبل؟؛ قال: نعم. قال: "ما ألوانها". قال: حُمْر. قال: "هل فيها من أورق؟ ". قال: إن فيها لأورقًا. قال: "فأنى ترى ذلك؟ ". قال: عسى أن يكون نزعة عرق. قال: "وهذا عسى أن يكون نزعه عرق". (٢)

وإذا أتت امرأته بولدين توأمين وانتفى عن أحدهما وأقر بالآخر؛ أو ترك نفيه من غير عذر لحقه الولدان؛ لأنهما حمل واحد فلا يجوز أن يلحقه أحدهما دون الآخرء وجعلنا ما انتفى عنه تابعًا لما أقر به؛ ولم نجعل ما أقر به تابعًا لما انتفى عنه؛ لأن النسب يحتاط لإثباته ولا يحتاط لنفيه، ولهذا إذا أتت بولد يمكن أن يكون منه ويمكن أن لا يكون منه ألحقناه به احتياطًا لإثباته ولم ننفه احتياطًا لنفيه؛ وإن أتت بولد فنفاه باللعان ثم أتت بولد آخر لأقل من ستة أشهر من ولادة الأول لم ينتف الثاني من غير اللعان؛ لأن اللعان يتناول الأول. فإن نفاه باللعان انتفى. وإن أقر به أو ترك نفيه من غير عذر لحقه الولدان؛ لأنهما حمل واحد؛ وجعلنا ما نفاه تابعًا لما لحقه. ولم يجعل ما لحقه تابعًا لما نفاه لما ذكرناه في التوأمين. وإن أتت بالولد الثاني لستة أشهر من ولادة الأول انتفى بغير لعان؛ لأنها علقت به بعد زوال الفراش؛ وإن لاعنها على حمل فولدت ولدين بينهما ما دون ستة أشهر لم يلحقه واحد منهما؛ لأنهما كانا موجودين عند اللعان فانتفيا به؛ وإن كان بينهما أكثر من ستة أشهر انتفى الأول باللعان وانتفى الثاني بغير لعان لأنَّا تيقنا بوضع الأول بعد براءة رحمها منه وأنها علقت بالثانى بعد زوال الفراش. (١)

وإن نفى باللعان نسب ولد انتفى عنه لما روى ابن عمر - رضى الله عنهما - أن رجلًا لاعن امرأته في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتفى عنه ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه ما والحق الولد بالمرأة. (٢) فإن لم يذكر النسب في اللعان أعاد اللعان؛ لأنه لم ينتف باللعان الأول (٣).

[مذهب الحنابلة]

جاء في (شرح منتهى الإرادات): أنه شرط لنفى ولد بلعان أن لا يتقدم اللعان إقرار بالولد المنفى أو إقرار بتوأم؛ أو إقرار بما يدل على الإقرار به كما لو نفاه وسكت عن توأمه؛ أو هُنيء إمكان النفى بلا عذر، أو أخره رجاء موته؛ لأنه خيار لدفع ضرر فكان على الفور كخيار الشفعة؛ وإن كان جائعًا أو ظمآنًا فأخره حتى أكل أو شرب أو نام لنعاس أو لبس ثيابه أو أسرج دابته أو نحوه أو صلى إن حضرت صلاة أو أحرز ماله إن لم يكن محرزًا ونحوه فله نفيه.

وإن قال: لم أعلم بالولد وأمكن صدقه. أو قال: لم أعلم أن لى نفيه؛ أو لم أعلم أن النفى يكون على الفور وأمكن صدقه قُبل؛ لأن الأصل عدم ذلك؛ وإن لم يمكن صدقه بأن ادعى العلم به وهو معها في الدار أو ادعى عدم العلم بأن له نفيه وهو فقيه لم يقبل؛ لأنه خلاف الظاهر.

وإن أخر نفيه لعذر كحبس ومرض وغيبة وحفظ مال أو ذهاب ليل ولدت فيه حتى يصبح وينتشر الناس ونحو ذلك كملازمة غريم (٤) يخاف فوته ونحوه لم يسقط نفيه. وإن علم غائب عن


(١) المهذب: ٢/ ١٢٠ - ١٢٣.
(٢) صحيح البخارى. كتاب الفرائض، باب ميراث الملاعنة. صحيح مسلم: كتاب اللعان ٢/ ١١٣٢ حديث رقم ١٤٩٤.
(٣) المهذب:٢/ ١٢٧.
(٤) الغريم: الذي عليه الدين وغيره من الحقوق. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه (١٩٥).