للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلد بولادته فاشتغل بسيره لم يسقط نفيه؛ وإن أقام بلا حاجة سقط؛ ومتى أكذب نفسه بعد نفيه حد لزوجة محصنة وعزر لغيرها كذمية أو رقيقة سواء كان قد لاعن أو لا؛ لأن اللعان يمين أو بينة درأت عنه الحد أو التعزير فإذا أقر بما يخالفه بعده سقط حكمه كما لو حلف أو أقام بينة على حق غيره ثم أقر به؛ وانجر النسب - أي نسب الولد الذي أقر به من جهة الأم إلى جهة الأب المكذب لنفسه بعد نفيه - كانجرار ولاء من موالى الأم إلى موالى الأب بعتق الأب؛ وعلى الأب ما أنفقته الأم قبل استلحاقه وتوارثا، أي ورث كل من الأب المكذب نفسه والولد الذي استحلقه بعد نفيه الآخر؛ لأن الإرث يتبع النسب.

ولا يلحق الملاعنَ نسبُ ولد نفاه ومات باستلحاق ورثته بعده نصا؛ لأنهم يحملون على غيرهم نسبًا قد نفاه عنه فلم يقبل منهم؛ ولأن نسبه انقطع بنفيه عن نفسه لتفرده بالعلم به دون غيره؛ ولذلك لا تقبل الشهادة به إلا أن يسند إلى قوله فلا يقبل إقرار غيره به عليه كما لو شهد به.

والتوأمان المنفيان بلعان أخوان لأم فقط لانتفاء النسب من جهة الأب كتوأمى الزنا.

ولو كان الزوج ابن عشر سنين فيهما - أي فيما إذا أتت به لستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها؛ أو لدون أربع سنين منذ أبانها لحقه نسبه؛ لحديث "الولد للقراش" (١)، ولإمكان كونه منه؛ وقدروه بعشر سنين لحديث: "اضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع". (٢) ولأن العشر يمكن فيها البلوغ فألحق به الولد كالبالغ المتيقن، وقد روى أن عمرو بن العاص وابنه لم يكن بينهما إلا اثنا عشر عامًا. وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتفريق بينهم في المضاجع دليل إمكان الوطء وهو سبب الولادة؛ ومع لحوق الولد بابن عشر لا يحكم ببلوغه لاستدعاء الحكم ببلوغه يقينًا لترتب الأحكام عليه من التكليف ووجوب الغرامات فلا يحكم به مع الشك وإلحاق الولد به لحفظ النسب احتياطًا.

وإن لم يكن كون الولد من الزوج كأن أتت به لدون نصف سنة منذ تزوجها وعاش لم يلحقه للعلم بأنها كانت حاملًا به قبل التزويج. فإن مات أو ولدته ميتًا لحقه بالإمكان. أو أتت لأكثر من أربع سنين منذ أبانها لم يلحقه للعلم بأنها حملت به بعد بينونتها؛ إذ لا يمكنا بقاؤها حاملًا به بعد البينونة إلى تلك المدة؛ أو أقرت بائن وتأتى الرجمية بانقضاء عدتها بالقروء ثم ولدت لفوق نصف سنة من عدتها التي أقرت بانقضائها بالقروء ولم يلحقه لإتيانها به بعد الحكم بانقضاء عدتها في وقت يمكن أن لا يكون منه؛ فلم يلحقه به كما لو انقضت عدتها بوضع الحمل؛ أو كان بين الزوجين وقت العقد مسافة لا يقطعها في المدة التي ولدت فيها كمغربي تزوج بمشرقية فولدت بعد ستة أشهر لم يلحقه؛ لأنه لم يحصل إمكان الوطء في هذا العقد. أو كان الزوج لم يكمل له عشر سنين؛ أو قطع ذكره مع أنثييه لم يلحقه نسبه لاستحالة الإيلاج والإنزال منه؛ ويلحق النسب زوجًا عنينًا ومن قطع ذكره دون أنثييه لإمكان إنزاله، وكذا يلحق من قطع أنثياه فقط عند الأكثر من الأصحاب. قال في (المقنع): قال أصحابنا: يلحقه نسبه. وفيه بُعد؛ وقيل: لا يلحقه نسبه مع قطع أنثييه. قال المنقح: وهو الصحيح؛ لأنه لا يخلق من مائه ولد عادة ولا


(١) سبق تخريجه.
(٢) سنن أبى داود كتاب الصلاة، باب متي يؤمر الصبي بالصلاة.