للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» (١) فبين الله سبحانه وتعالى فى هذه الآية وجه التفقه كله وأنه ينقسم قسمين.

أحدهما: يخص المرء فى نفسه، وذلك مبين فى قوله تعالى: «وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ» فهذا معناه تعليم أهل العلم لمن جهل حكم ما يلزمه.

والثانى: تفقه من أراد وجه الله تعالى بأن يكون منذرا لقومه وطبقته قال تعالى: «وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» (٢) ففرض على كل أحد طلب ما يلزمه على حسب ما يقدر عليه من الاجتهاد لنفسه فى تعرف ما ألزمه الله تعالى اياه، وقد بينا أن الاجتهاد هو افتعال من الجهد، فهو فى الدين اجهاد المرء نفسه فى طلب ما تعبده الله تعالى به فى القرآن، وفيما صح عن النبى صلى الله عليه وسلم، لانه لا دين غيرهما، فأقلهم فى ذلك درجة من هو فى غمار العامة، ومن حدث عهده بالجلب من بلاد الكفر وأسلم من الرجال والنساء (٣).

[مذهب الزيدية]

جاء فى تتمة الروض النضير (٤): لقد كان السلف الصالح يهابون من التورط‍ فى الفتوى، ويخافون من الوقوع فى الفتيا غاية الخوف، حتى قال بعض السلف:

ليتق أحدكم أن يقول أحل الله كذا وحرم كذا، خشية أن يقول الله:

كذبت لم أحل كذا ولم أحرم كذا، كل ذلك خشية الحكم بغير ما أنزل.

[مذهب الإمامية]

جاء فى العروة الوثقى (٥): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم ارحم خلفائى، قيل يا رسول الله:

من خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون بعدى يروون حديثى وسنتى.

والمروى فى الفقه الرضوى عليه السّلام منزلة الفقيه فى هذا الوقت كمنزلة الانبياء فى بنى اسرائيل الى غير ذلك اذ من المعلوم أن العامى لا يصدق عليه اسم العالم ولا الراوى، ولا يصلح أن يكون خليفة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا أن يكون بيده مجارى الامور ولا أن يكون بمنزلة الانبياء فمقتضى


(١) الآية رقم ١٢٢ من سورة التوبة.
(٢) الاية رقم ٤٣ من سورة النحل.
(٣) الاحكام لابن حزم الظاهرى ج‍ ٥ ص ١٢١ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) تتمة الروض النضير شرح مجموعة الفقه الكبير للسيد الحافظ‍ العباس بن أحمد بن ابراهيم ابن أحمد الحسنى اليمنى الصنعانى ج‍ ٢ ص ١٤٦ طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٤٩ هـ‍.
(٥) العروة الوثقى للعلامة الفقيه السيد محمد كاظم الطباطبائى للبرزى ج‍ ٣ ص ٥، ص ٦، ص ٧، ص ٨ طبع مطبعة الحيدرى بطهران سنة ١٣٧٧ هـ‍