للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى عنهما في الفضل والدين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج هذا بدليله ولم يوجد في التقدم على السلطان وعلى صاحب المنزل أثر يخرجهما عن الوجوب إلى الندب فبقى على الوجوب بل وجد ما يؤيد الوجوب. فقد روى عن عبد الله بن زمعة قال: لما استعز برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (أي اشتد به المرض) وأنا عنده في نفر من المسلمين دعاه بلال إلى الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "مروا أبا بكر يصلى بالناس" فخرج عبد الله بن زمعة فإذا عمر في الناس وكان أبو بكر غائبا فقال قم يا عمر فصل بالناس فتقدم وكبر فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صوته وكان عمر رجلا مجهرا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون يأبى الله ذلك والمسلمون فبعث إلى أبى بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس. رواه أحمد في المسند وأبى داود. والأعمى (١) والبصير والخصى والفحل والعبد والحر وولد الزنا والقرشى سواء في الإمامة في الصلاة كلهم جائز أن يكون إماما راتبا ولا تفاضل بينهم إلا بالقراءة والفقه وقدم الخير والسن فقط، وتجوز إمامة الفاسق كذلك مع الكراهة إلا أن يكون هو الأقرأ والأفقه فهو أولى حينئذ من الأفضل إذا كان أنقص منه في القراءة أو الفقه ولا أحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وله ذنوب. وقد قال الله عز وجل: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (٢) وقال سبحانه وتعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (٣) فنص الله سبحانه وتعالى على أن من لا يعرف له أب إخواننا في الدين وأخبر أن في العبيد والإِماء صالحين. وقد روى عن شعبة عن الحكم بن عتيبة قال: كان يؤمنا في مسجدنا هذا عبد فكان شريح يصلى فيه.

[مذهب الزيدية]

جاء في شرح الأزهار (٤): أن الأولى من الجماعة المستويين في كمال القدر الواجب من شروط صحة الإمامة في كل واحد منهم إذا اجتمعوا هو الراتب (٥) فإنه أقدم من الأفقه وغيره وكذا صاحب البيت أولى من غيره والمستأجر والمستعير أولى من المؤجر والمعير وغيرهما فإن وجد الإمام الأعظم فقال الإِمام يحيى هو أولى من الراتب وعن الإمام محمد بن المطهر: الراتب أولى ثم الأفقه في أحكام الصلاة ثم إذا استووا في الفقه قدم الأورع ثم إذا استووا في الفقه والووع قدم الأقرأ (الأكثر حفظا للقرآن الأعرف بمخارج الحروف وصفاتها ونحو ذلك) ثم إذا استووا في الثلاثة قدم الأكبر سنا على الأشرف نسبا واختار الإِمام يحيى تقديم


(١) المرجع السابق لابن حزم الظاهرى جـ ٤ ص ٢١١ وما بعدها مسالة رقم ٤٨٨ طبع أداره الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٤٨ هـ الطبعة الأولى.
(٢) الآية رقم ٥ من سورة الأحزاب.
(٣) الآية رقم ٣٢ من سورة النور.
(٤) انظر كتاب شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه جـ ١ ص ٢٩٠، ص ٢٩١ وما بعدهما طبع مطابع مطبعة حجازى بالقاهرة سنة ١٣٥٧ هـ الطبعة الثانية بمصر.
(٥) والمراد بالإمام الراتب من اعتاد الإمامة في مسجد أو موضع مخصوص واستمر على ذلك حتى صار يوصف في العرف بأنه إمام راتب وهذا حيث حضر أو استخلص في الوقت المعتاد وإلا فالأقرب بطلان ولايته.