للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تزويج السيد اياها]

وكذا للسيد ان يزوج أم ولده بغير اذنها فى لأصح لملكه الرقبة والنفعة كالمدبرة.

والقول الثانى - وهو القابل للأصح - لا يجوز له أن يزوجها الا برضاها لأنها ثبت لها حق العتق بسبب لا يملك السيد ابطاله.

وفى قول ثالث: لا يجوز له أن يزوجها وان رضيت لانها ناقصة فى نفسها وولاية الولى عليها ناقصة فاشبهت الصغيرة فلا يزوجها أحد برضاها. وظاهر انه لو ثبت الايلاد فى بعضها زوجها السيدان بغير اذنها على الراجح.

والخلاف أقوال كما ذكره الرافعى وغيره ولو كان سيدها مبعضا لم يزوج أمته بحال قاله البغوى رضى الله تعالى عنه.

قال لان مباشرته العقد ممتنعة اذ لا ولاية له ما لم تكمل الحرية واذا امتنعت مباشرته بنفسه امتنعت انابته غيره وتزويجها بغير اذنه ممتنع فانسد باب تزويجها.

قال الأذرعى رضى الله تعالى عنه:

وتعليله دال على البناء على أن السيد يزوج بالولاية والأصح انه انما يزوج بالملك فيصح تزويجه وقد قال البلقينى ما قاله البغوى ممنوع لان تزويج السيد أمته بالملك وهو موجود، والكافر لا يزوج أمته المسلمة.

بخلاف ما لو كان السيد مسلما وهى كافرة ولو وثنية أو مجوسية لان حق المسلم فى الولاية آكد، ألا ترى أنه يثبت له الولاية عليها بالجهة العامة ويزوجها الحاكم باذنه وحضانة ولدها لها وان كانت رقيقة لتبعيته لها فى الاسلام.

[حكم بيعها]

ويحرم على السيد بيع أم ولده لخبر «أمهات الأولاد لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع منها سيدها ما دام حيا فاذا مات فهى حرة» (١) وأجمع التابعون فمن بعدهم على ذلك.

قال النووى رحمه الله تعالى فى شرح المهذب هذا هو المعتمد فى المسألة ان قلنا الاجماع بعد الخلاف يرفع الخلاف وحينئذ فيستدل بالأحاديث وبالاجماع على نسخ الأحاديث فى بيعها قال الصيمرى رحمه الله تعالى وغيره:

وأجمعوا على المنع اذا كانت حاملا بحر، وانما اختلفوا بعد الولادة ولهذا احتج ابن سريج رحمه الله تعالى فى الودائع بالاتفاق على انها لا تباع فى حال الحبل قال فدلالة اتفاقهم قاضية على حكم ما اختلفوا فيه بعد الولادة ونقض هذا الاستدلال بالحامل بحر من وط‍ ء شبهة فانها لا تباع فى حال الحبل وتباع بعد الوضع وأجيب عنها بقيام الدليل فيها بجواز البيع بعد الوضع بخلاف أم الولد ونص الامام الشافعى رضى الله تعالى عنه على منع بيعها فى خمسة عشر كتابا ولو حكم قاض بجواز بيعها نقض قضاؤه لمخالفته الاجماع وما كان فى بيعها من خلاف بين القرن الأول فقد انقطع وصار مجمعا على منعه، وأما خبر أبى داود وغيره عن جابر رضى الله تعالى عنهم.


(١) رواه الدارقطنى والبيهقى رضى الله تعالى عنهما وصححا وقفة على عمر رضى الله تعالى عنه وخالف ابن القطان فصحح رفعه وحسنه وقال رواته كلهم ثقات.