للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبنى مع صاحبه إن طلب ذلك، قال في العتبية: إن كان لأحدهما فهدمه أو انهدم بغير فعله وهو قادر على رده فيترك ذلك ضررا أجبر على رده. وإن كان يضعف عن إعادته عذر، وقيل للآخر استر على نفسك إن شئت. وقال ابن القاسم رضى الله تعالى عنه: إن انهدم بأمر من الله لم يجبر على إعادته وكذلك إن هدمه هو لوجه منفعة ثم عجز عن ذلك أو استغنى عنه فإنه لا يجبر على رده ولو هدمه للضرر جبر على أن يعيده (١).

[مذهب الشافعية]

جاء في المهذب أنه إن طلب أحد الشريكين القسمة وامتنع الآخر نظرت فإن لم يكن على واحد منهم ضرر في القسمة كالحبوب والأدهان والثياب الغليظة وما تساوت أجزاؤه من الأرض والدور أجبر الممتنع لأن الطالب يريد أن ينتفع بماله على الكمال وأن يتخلص من سوء المشاركة من غير إضرار بأحد فوجبت إجابته إلى ما طلب وإن كان عليهما ضرر كالجواهر والثياب المرتفعة التي تنقص قيمتها بالقطع والرحى الواحدة والبئر والحمام الصغير لم يجبر الممتنع لقول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لا ضرر ولا ضرار، ولما روى أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضاعة المال، ولأنه إتلاف مال وسفه يستحق به الحجر فلم يجبر عليه وإن كان على أحدهما ضرر دون الآخر نظرت فإن كان الضرر على الممتنع أجبر عليها، وقال أبو ثور رحمه الله تعالى: لا يجبر عليها لأنها قسمة فيها ضرر فلم يجبر عليها كما لو دخل الضرر عليهما وهذا خطأ لأنَّهُ يطلب حقا له فيه منفعة فوجبت الإِجابة إليه، وإن كان على المطلوب منه ضرر كما لو كان له دين على رجل لا يملك إلا يقضى به دينه وإن كان الضرر على الطالب دون الآخَر ففيه وجهان أحدهما أنه يجبر لأنَّهُ قسمة لا ضرر فيها على أحدهما فأجبر الممتنع كما لو كان الضرر على الممتنع دون الطالب، والثانى أنه لا يجبر وهو الصحيح لأنه يطلب ما لا يستضر به فلم يجبر الممتنع ويخالف إذا لم يكن على الطالب ضرر لأنَّهُ يطلب ما ينتفع به وهذا يطلب ما يستضر به وذلك سفه فلم يجبر الممتنع (٢). وإن كان دينهما دور أو أراض مختلفة في بعضها نخل وفى بعضها شجر أو بعضها يسقى بالسيح وبعضها يسقى بالناضح وطلب أحدهما أن يقسم بينهما أعيانا بالقيمة وطلب الآخَر قسمة كل عين قسم كل عين لأن كل واحد منهما له حق في الجميع فجاز له أن يطالب بحقه في الجميع وإن كان بينهما عضائد متلاصقة وأراد أحدهما أن يقسم أعيانا وطلب الآخر أن يقسم كل واحد منهما على الانفراد ففيه وجهان أحدهما أنها تقسم أعيانا كالدار الواحدة إذا كان فيها بيوت، والثانى أنه يقسم كل واحدة منها لأن كل واحدة على الانفراد فقسم كل واحد منها كالدور المتفرقة (٣). فإن كان بينهما دار وطلب أحدهما أن تقسم فيجعل العلو لأحدهما والسفل للآخر وامتنع الآخر لم يجبر الممتنع لأن العلو تابع للعرصة في القسمة، ولهذا لو كان بينهما عرصة وطلب أحدهما القسمة وجبت القسمة ولو كان بينهما غرفة فطلب أحدهما القسمة لم يجب ولا يجوز أن يجعل التابع في القسمة متبوعا (٤). وإن كان بين ملكهما عرصة حائط


(١) المرجع السابق جـ ٢ ص ٢٥٣، ص ٢٥٤ نفس الطبعة.
(٢) المهذب للإمام أبى إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادى الشيرازى جـ ٢ ص ٣٠٧ في كتاب أسئلة النظم المستعذب في شرح غريب المهذب للعلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبى طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى مصر.
(٣) المرجع السابق جـ ٢ ص ٣٠٧ نفس الطبعة.
(٤) المرجع السابق جـ ٢ ص ٣٠٧ نفس الطبعة.