للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والعبارة الموجبة للاسقاط‍ قد تكون محددة بصيغ وألفاظ‍ معينة كما فى الطلاق والعتق على ما أشير اليه فى الكلام على مذهب الحنفية، وقد تكون غير محددة الا بما تؤديه وتحققه من معنى الاسقاط‍.

ومن ألفاظه عندهم أسقطت وأحللت وأبرأت وتركت ونحو ذلك مما يدل على ازالة الحق والملك.

ويرى ابن حزم صحة الاسقاط‍ بكل ما يدل على ازالة الحق وتلاشيه، وعدم صحته بما يدل على التمليك.

غير أنه أجاز اسقاط‍ الدين بلفظ‍ التصدق وان كان يدل على التمليك لورود النص بذلك. فقد قال الله تعالى «وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاّ أَنْ يَصَّدَّقُوا .. » (١) وتصدقهم بالدية انما يكون بالابراء منها والتنازل عنها.

وروى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه أنه قال: أصيب رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثمار أبتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تصدقوا عليه» وهو خطاب لغرمائه، وتصدق الغرماء على المدين يكون بابرائه من ديونهم وتنازلهم عنها.

[شروط‍ الاسقاط‍]

للاسقاط‍ شروط‍ كثيرة منها ما يرجع الى المسقط‍ صاحب الحق، ومنها ما يرجع الى صيغة الاسقاط‍، ومنها ما يرجع الى المسقط‍ عنه الذى عليه الحق، ومنها ما يرجع الى الحق الذى يرد عليه الاسقاط‍ ويتعلق به.

فأما ما يرجع الى المسقط‍ صاحب الحق: فهو أن يكون أهلا للتصرف والتبرع، بأن يكون بالغا عاقلا غير محجور عليه لسفه أو غفلة. أو دين، وأن يكون مختارا وذا ولاية فى التصرف، لأن الاسقاطات منها تصرفات وأفعال تستلزم الأهلية للتصرف والولاية فيه كالطلاق والعتق والعفو عن القصاص وترك حق الشفعة واسقاط‍ النفقة والمهر وحق الحضانة.

ومنها تبرعات تستلزم أهلية التبرع كالابراء من الدين والتصدق به على المدين. ولا يتم ذلك كله الا اذا توفر الاختيار وتوفرت الولاية والصفة.

جاء فى حاشية ابن عابدين على الدر المختار (٢) أن اسقاط‍ الزوجة المهر عن زوجها كله أو بعضه صحيح اذا كانت


(١) الاية رقم ٩٢ من سورة النساء.
(٢) رد المحتار على الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ج ٢ ص ٣٤٦ وما بعدها طبع دار سعادات.