للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقد جاء فى ابن عابدين من باب الصلح. أنه لو أقر اقرارا عاما أو ابرأ ابراء عاما من كل حق ودعوى يصح ذلك ويعمل به مستقلا عن الصلح وان لم يذكر فى التعبير قوله - غير داخل تحت الصلح - حتى لو ظهر فساد الصلح لا يفسد الاقرار ولا الابراء لكونه غير خاص بتلك الدعوى التى وقع عليها الصلح. بخلاف ما اذا لم يكن عاما بأن ادعى أحدهما على الآخر عينا مثلا ثم تصالحا على شئ وأقر أحدهما بأن العين لصاحبه أو أبرأ كل منهما الآخر عن دعواه ثم ظهر فساد الصلح فسد كل من الاقرار والابراء لابتنائه على الصلح. فله العود الى دعواه الأولى التى جرى عليها الصلح (١).

وقد اختلفت عبارات كتب الحنفية فى حصول الاسقاط‍ بعبارة الاقرار كالمستحق فى وقف اذا أقر بأنه لا حق له فى ربع هذا الوقف وأن المستحق للريع هو فلان دونه هل يعتبر هذا القول منه اسقاطا لحقه فى الريع ولو كان كتاب الوقف على خلاف ما أقر به، ويسقط‍ الحق بناء على ذلك أو يعتبر أنه محض اقرار يتضمن أنه مبطل فى

دعواه فيؤاخذ به وحده دون من يستحق بعده أو معه من الذرية .. ؟

خلاف، غير أنه اذا دلت قرائن الأحوال على أن المقصود بعبارة الاقرار هو انشاء اسقاط‍ لحق ثابت يكون اسقاطا بالاتفاق، كالواقف يحتفظ‍ لنفسه فى شروط‍ وقفه بالشروط‍ العشرة المعروفة، ثم يعمل اشهادا بالتغيير فى مصارف الوقف المذكور بمقتضى ماله من الحق فى ذلك، ثم يقول فى هذا الاشهاد أنه لا حق له فى تلك الشروط‍ العشرة ولا فى شئ منها بعد ذلك - فان السياق وقرائن الأحوال تدل على أن المقصود بهذه العبارة انشاء اسقاط‍ حقه فى استعمال الشروط‍ العشرة المقرر له بمقتضى اشهاد الوقف الأصلى - بعد هذا التغيير - ولا خلاف لأحد فى ذلك.

هذا هو مذهب الحنفية فى ركن الاسقاط‍ وما يحقق معناه.

وذهب غيرهم الى أن للاسقاط‍ أركانا متعددة هى المسقط‍ صاحب الحق، والعبارة التى يحصل بها الاسقاط‍، وهى الايجاب الذى يدل عليه.

أما القبول فمختلف فى أنه لا بد منه لتمام الاسقاط‍ أو أنه يتم بدونه على ما يأتى بيانه، والحق الذى يرد عليه الاسقاط‍ ويتعلق به، والمسقط‍ عنه الذى تقرر الحق قبله.


(١) انظر رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار من باب الصلح الطبعة السابقة والقنية من آخر باب ما يبطل الدعوى وشرح الجوهرة على القدورى من كتاب الاقرار والاشباه والنظائر من كتاب القضاء والشهادة والدعوى.