للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكتابهم. وقال آخرون بنبيهم وشرعهم، وقيل بكتابه الذي أحصى فيه عمله. والإمام الطريق وعليه قول الله عز وجل: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} (١) أي لبطريق يؤم أي يقصد فيتميز يعنى قوم لوط وأصحاب الأيكة، والإِمام الصُّقْع من الطريق والأرض. وقال الفراء: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} يقول: في طريق لهم يمرون عليها في أسفارهم فجعل الطريق إماما لأنه يؤم ويتبع، وسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إمام أمته وعليهم جميعا الائتمام بسنته التي مضى عليها. قال ابن سيده: والإِمام ما أئتم به من رئيس وغيره، والجمع أئمة، وفى التنزيل قوله سبحانه وتعالى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} (٢) أي قاتلوا رؤساء الكفر وقادتهم الذين ضعفاؤهم تبع لهم، وإمام كل شئ قيمه والمصلح له، والقرآن إمام المسلمين، والخليفة إمام الرعية، وإمام الجند قائدهم، والإمام الخيط الذي يمد على البناء فيبنى عليه ويسوى عليه ساق البناء، وإمام الإبل حاديها، وإمام القبلة تلقاؤها، ويقال أممت القوم في الصلاة إمامة، وأتم فلان بفلان أي اقتدى به، وإمامنا هذا حسن الإِمامة أي حسن القيام بإمامته إذا صلى بنا، وقيل الإمام جمع آمٍّ كصحاب وصحاب. قال الليث: والإمة الائتمام بالإِمام يقال فلان أحق بإمامة هذا المسجد من فلان أي أحق بالإِمامة. قال أبو منصور: الإمة الهيئة في الإِمامة والحالة. يقال فلان حسن الإِمة أي حسن الهيئة إذا أم الناس في الصلاة.

[التعريف شرعا]

جاء في الدر وحاشيته لابن عابدين، ما يفيد أن: الإِمامة مصدر قولك فلان أمّ الناس أي صار لهم إماما يتبعونه في صلاته فقط أو يتبعونه فيها وفى أوامره ونواهيه. والأول ذو الإمامة الصغرى، والثانى ذو الإمامة الكبرى. فالكبرى: استحقاق تصرف عام على الأنام، والصغرى - وهى الإِمامة في الصلاة - ارتباط صلاة المؤتم بالإِمام بشروط، لأن الإمام لا يصير إماما إلا إذا ارتبطت صلاة المقتدى بصلاته، فنفس هذا الارتباط هو حقيقة الإمامة، وهو غاية الاقتداء الذي هو الربط بمعنى الفاعل لأنه إذا ربط صلاته بصلاة إمامه حصل له صفة الاقتداء والائتمام، وجعل لإمامه صفة الإمامة التي هي الارتنباط (٣).

[حكم الجماعة وعلى من تجب ومتى تسقط]

[مذهب الحنفية]

الجماعة بالنسبة للصلوات الخمس - غير الجمعة - سنة مؤكدة للرجال. وقيل أنها واجبة. وقال بعضهم - توفيقا بين القولين - هي واجبة تثبت بالسنة فالمراد بالتأكيد الوجوب. وقيل: أنها فرض عين - وعلى أساس هذا القول قال العراقيون: من ترك الجماعة مرة بلا عذر يأثم. وقيل أنها فرض كفاية. وعلى أساس هذا القول إذا تركها الكل مرة بلا عذر أثموا.

أما الجماعة في الجمعة والعيد فهى شرط


(١) الآية رقم ٧٩ من سورة الحجر.
(٢) الآية رقم ١٢ من سورة التوبة.
(٣) انظر رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار بهامش حاشية الشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين جـ ١ ص ٥١١ إلى ص ٥١٣ وما بعدها.