للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لصحة الصلاة في كل منهما سواء قلنا أن صلاة العيد واجبة أو سنة.

والجماعة في التراويح سنة كفاية على أهل كل محلة فلو ترك أهل محلة كلهم الجماعة في صلاة التراويح فقد تركوا السنة وأساءوا في ذلك. وإن صلوها بجماعة وتخلف بعضهم وصلاها في بيته منفردا فقد ترك الفضيلة.

وفى شهر رمضان تستحب الجماعة على قول وغير مستحبة على قول آخر بل يصليها وحده في بيته - وهما قولان مصححان.

وفى وتر غير رمضان وفى التطوع المشهور كراهة الجماعة وذكر بعضهم عدم الكراهة ووفق بعضهم بين القولين بحمل الأول على المواظبة والثانى على الفعل أحيانا.

وأما الجماعة في صلاة الخسوف فقد نقل ابن عابدين عن الحلية: أن ظاهر كلام الجم الغفير من أهل المذهب كراهتها وفى شرح الزاهدى قيل جائزة لكنها ليست سنة (١).

ويكره تحريما تكرار الجماعة في مسجد محلة بآذان وإقامة إلا إذا صلى بهما فيه أولا غير أهله أو صلى أهله لكن بمخافته الأذان. ولو كرر أهله الجماعة بدون الآذان والإِقامة أو كان في مسجد طريق جاز إجماعا كما في مسجد ليس له إمام ولا مؤذن ويصلى فيه الناس فوجا فوجا فإن الأفضل أن يصلى كل فريق بآذان وإقامة على حدة. والمراد بمسجد المحلة ما له إمام وجماعة معلومون. والدليل على الكراهة أن النبى - صلى الله عليه وسلم - كان قد خرج ليصلح بين قوم فعاد إلى المسجد وقد صلى أهل المسجد فرجع إلى منزله فجمع أهله وصلى ولو جاز ذلك لما اختار الصلاة في بيته على الجماعة في المسجد ولأن في الإِطلاق هكذا تقليل الجماعة معنى فإنهم لا يجتمعون إذا علموا أنها لا تفوتهم وأما مسجد الشارع فالناس فيه سواء لا اختصاص له بفريق دون فريق ومقتضى هذا الاستدلال كراهة التكرار في مسجد المحلة ولو بدون أذان ويؤيده ما في الظهيرية: لو دخل جماعة المسجد بعدما صلى فيه أهله يصلون وحدانا وهو ظاهر الرواية. قال ابن عابدين وهذا مخالف لحكاية الإجماع وعن هذا ذكر العلامة الشيخ رحمه الله السندى في رسالته أن ما يفعله أهل الحرمين من الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة مكروه اتفاقا ونقل عن بعض المشايخ إنكاره صريحا وأقره الرملى في حاشية البحر. إلا أن هذا معارض بأن نحو المسجد المكى أو المدنى ليس له جماعة معلومون فلا يصدق عليه أنه مسجد محلة بل هو كمسجد شارع فلا كراهة في تكرار الجماعة فيه على ما سبق وفى شرح المنية عن أبى يوسف أنه إذا لم تكن الجماعة على الهيئة الأولى لا تكره وإلا تكره وهو الصحيح وبالعدول عن المحراب تختلف الهيئة، والجماعة (٢) سواء كانت سنة أو واجبة تكون على الرجال العُقلاء البالغين الأحرار القادرين على الصلاة بالجماعة من غير حرج فبالحرج يرتفع الإِثم ويرخص في تركها ولكنه يفوته الأفضل بدليل أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال لابن أم مكتوم الأعمى لما استأذنه في الصلاة في بيته ما أجد لك رخصة. قال في الفتح أي تحصل لك فضل الجماعة من غير حضورها وليس المقصود الإِيجاب على الأعمى لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) المرجع السابق إلى ص ٥١٥ وما بعدها.
(٢) المرجع السابق إلى ص ٥١٨ وما بعدها.