للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رخص لعتبان بن مالك في تركها لكن في نور الإِيضاح وإذا انقطع عن الجماعة لعذر من أعذارها وكانت نيته حضورها لولا العذر يحصل له ثوابها ولو فاتته ندب طلبها في مسجد آخر فلا يجب عليه الطلب في المساجد بلا خلاف بل إن أتى مسجدًا آخر للجماعة فحسن وإن صلى في مسجد حيه منفردا فحسن. وذكر القدورى أنه يجمع أهله ويصلى بهم وينال ثواب الجماعة. وندب طلب الجماعة في مسجد آخر إنما هو في غير المسجد الحرام ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسجد الأقصى لأن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف وفى مسجده - صلى الله عليه وسلم - بألف وفى المسجد الأقصى بخمسمائة، وتسقط (١) الجماعة عن المريض والمعقد (٢) والزمن ومقطوع يد ورجل من خلاف أو رجل فقط ومفلوج (٣) وشيخ كبير عاجز وأعمى وإن وجد قائدا وكذا الزمن لو كان غنيا له مركب وخادم فلا تجب عليهما عنده خلافا لهما كما ورد في الحلية عن المحيط. وذكر في الفتح أن الظاهر أنه اتفاق والخلاف في الجمعة لا في الجماعة لكن المسطور في الكتب المشهورة خلافه وكذلك تسقط من حال بينه وبينها برد شديد ومطر وطين كثير وفى الحلية عن أبى يوسف سألت أبا حنيفة عن الجماعة في طين وردغة فقال لا أحب تركها وقال إن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال وإن هذا الحديث يفيد الرخصة بالنسبة لترك الجماعة. والنعال جمع نعل وهو ما غلظ من الأرض في صلابة وإنما خص بالذكر لأنه أدنى بلل يندبها بخلاف الرخوة فإنها تتشف الماء ومثل النعال الأحذية وكذلك تسقط بالظلمة الشديدة التي لا يبصر طريقه فيها إلى المسجد فيكون كالأعمى والظاهر أنه لا يكلف إلى إيقاد سراج وإن أمكنه ذلك. ومن الأعذار الريح في الليل لا في النهار لعظم المشقة في الليل والخوف على المال من لص ونحوه إذا لم يمكنه غلق الدكان أو البيت مثلا ومنه خوفه على تلف طعام في قدر أو خبز في تنور والظاهر أن مال غيره الذي هو عنده كوديعة أو عارية أو رهن كماله لأنه مما يجب عليه حفظه وكذلك من الأعذار الخوف من غريم أو ظالم أو مدافعة أحد الأخبثين وإرادة سفر إذا أقيمت الصلاة وخشى أن تفوته القافلة وأما السفر نفسه فليس بعذر وقيامه بمريض يحصل له بغيبته المشقة والوحشة وحضور طعام تتوقه نفسه لشغل باله ومثله الشراب وقرب حضور الطعام ولحضوره وكذا اشتغاله بالفقه لا بغيره إلا إذا واظب على تكرار الفقه وترك الجماعة تكاسلا فلا يعتبر ذلك عذرا ويعزر ولو بحبس المال عنه مدة، وأقل (٤) الجماعة اثنان واحد مع الإمام ولو مميزا لحديث "اثنان فما فوفهما جماعة" (٥) قال في البحر لأنها مأخوذة من الاجتماع وهما أقل ما يتحقق به وهذا في غير الجمعة والعيد فإن الواحد فيهما مع الإِمام لا يكفى. وإقامة الجماعة في البيت كإقامتها في المسجد إلا في الأفضلية.


(١) المرجع السابق لابن عابدين إلى ص ٥١٩ وما بعدها.
(٢) قال في المعزب المقعد الذي لا حراك به من داء في جسده أقعده والزمن الذي طال مرضه زمانا وقيل الزمن عند أبى حنيفة المقعد والأعمى والمقطوع اليدين أو أحداهما والمفلوج والأعرج الذي لا يستطيع المشى والأشل.
(٣) المفلوج هو من به فالج وهو استرخاء لأحد شقى الإنسان لانصباب خلط بلغمى تنسد منه مسالك الروح.
(٤) انظر حاشية ابن عابدين جـ ١ ص ٥١٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٥) أخرجه السيوطى في الجامع الصغير ورمز بضعفه.