للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأن الإشارة بكلمة هذا ترجع إلى الاكتفاء بالأهلة بعد يوم العقد، ومفاد ذلك أنهم يقولون بأنه إذا عقد المتعاقدان فى يوم أو ليلة أخر الشهر لا يكتفى بالأشهر بعده إلا إذا كان الشهر الأخير ناقصا فإن لم يكن ناقصا يتمم منه المنكسر ثلاثين يوما تحسب بالأيام بالنسبة للشهر الذى وقع العقد فى أخر يوم أو ليلة منه.

[مذهب الحنابلة]

يقول ابن قدامة (١): لا بد من كون الأجل معلوما، لقوله تعالى: «إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى»، وقول النبى صلى الله عليه وسلم: «إلى أجل معلوم».

ولا نعلم فى اشتراط‍ العلم فى الجملة اختلافا. فأما كيفيته فإنه يحتاج أن يعلم بزمان بعينه لا يختلف. ثم قال (٢): إذا جعل الأجل إلى شهر تعلق بأوله وإن جعل الأجل اسما يتناول شيئين كجمادى وربيع ويوم النفر تعلق بأولهما، وإن قال: إلى ثلاثة أشهر انصرف إلى انقضائها لأنه إذا ذكر ثلاثة أشهر مبهمة وجب أن يكون ابتداؤها من حين لفظه بها، وكذا لو قال إلى شهر كان الأجل إلى أخره وينصرف ذلك إلى الأشهر الهلالية بدليل قوله تعالى: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (٣)» وأراد الهلالية، وإن كان فى أثناء شهر كانا شهرين بالهلال وشهرا بالعدد ثلاثين يوما، وقيل تكون الثلاثة كلها عددية وإن قال محل الأجل شهر كذا أو يوم كذا صح وتعلق بأوله.

ثم قال (٤) كون الأجل معلوما بالأهلة أمر لا خلاف فى صحة التأجيل به وذلك نحو أول الشهر أو وسطه أو أخره أو يوم معلوم منه لقوله تعالى: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ» ولو أسلم إلى عيد الفطر أو النحر أو يوم عرفة أو عاشوراء أو نحوها جاز لأنه معلوم بالأهلة. قال وإن جعل الأجل مقدرا بغير الشهور الهلالية فذلك قسمان: أحدهما ما يعرفه المسلمون وهو بينهم مشهور مثل كانون وشباط‍، أو عيد لا يختلف كالنيروز والمهرجان عند من يعرفهما فظاهر كلام الخرقى وابن أبى موسى أنه لا يصح لأنه أجل إلى غير الشهور الهلالية أشبه ما إذا أجل إلى الشعانين - عيد الأحد الذى قبل الفصح - وعيد الفطير ولأن هذه لا يعرفها كثير من المسلمين، وقال القاضى: يصح. والقسم الثانى ما لا يعرفه المسلمون كعيد الشعانين وعيد الفطير فهذا لا يجوز التأجيل إليه لأن المسلمين لا يعرفونه ولا يجوز تقليد أهل الذمة فيه لأن قولهم غير مقبول ولأنهم يقدمونه ويؤخرونه على حساب لهم وان أجل الى ما لا يختلف مثل كانون الأول ولا يعرف المتعاقدان أو أحدهما لم يصح لأنه مجهول عنده.

وقال: ولا يصح أن يؤجله إلى الحصاد والجداد وما أشبهه وكذلك قال ابن عباس وابن المنذر وأبو حنيفة والشافعى وعن أحمد رواية أخرى أنه قال: أرجو ألا يكون به بأس وبه قال مالك وأبو ثور وعن


(١) المغنى ج‍ ٤ ص ٢٩٠ طبعة المنار.
(٢) المغنى ج‍ ٤ ص ٢٩١.
(٣) سورة التوبة: ٣٦.
(٤) المغنى ج‍ ٤ ص ٢٩٢.