للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الآجرى: ان عدم الهدى مكان احصاره قومه طعاما، وصام عن كل مد يوما وحل، وأوجب عليه ألا يحل حتى يصوم ان قدر فان صعب عليه حل ثم صام، ويجب مع الهدى حلق أو تقصير، وهو احدى الروايتين عن أحمد، لأن النبى صلى الله عليه وسلم حلق يوم الحديبية وفعله فى النسك دال على الوجوب.

والرواية الثانية وهى ظاهر كلام الخرقى أنه لا يلزمه الحلق أو التقصير لأن الله تعالى ذكر الهدى وحده ولم يشترط‍ سواه (١). ومن حصر عن طواف الافاضة فقط‍ بأن رمى وحلق بعد وقوفه لم يتحلل حتى يطوف طواف الافاضة ويسعى ان لم يكن قد سعى، وكذا لو حصر عن السعى فقط‍، لأن الشرع ورد بالتحلل عن احرام تام يحرم جميع المحظورات، ومن حصر عن واجب كرمى الجمار لم يتحلل وعليه دم وحجه صحيح، ومن صد عن عرفة دون الحرم فى حج تحلل بعمرة ولا شئ عليه، لأن قلب الحج الى العمرة مباح بلا حصر فمع الحصر أولى، فان كان قد طاف وسعى للقدوم ثم أحصر تحلل بطواف وسعى آخرين لأن الأولين لم يقصد بهما طواف العمرة ولا سعيها وليس عليه أن يجدد احراما (٢).

وما تقدم انما هو فى الاحصار ظلما بعدو كان أو بحق غير ثابت أو بحق مع اعسار، أما الاحصار بمرض أو ذهاب نفقة أو ضل الطريق لم يكن له التحلل، ويبقى على احرامه حتى يقدر على البيت، لأنه لا يستفيد بالاحلال الانتقال من حال الى حال خير منها ولا التخلص من الأذى الذى به (٣)

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى: للمحصر أن يحل من احرامه سواء شرع فى عمل الحج أو العمرة أو لم يشرع بعد، قريبا كان أو بعيدا، مضى له أكثر فرضهما أو أقله، كل ذلك سواء .. وعليه هدى ولا بد، الا أنه لا يعوض من هذا الهدى صوم ولا غيره فمن لم يجد فهو عليه دين حتى يجده وقال: المحصر اذا صد فقد بلغ هديه محله فله أن يحلق رأسه (٤).

[مذهب الزيدية]

قال الزيدية: من أحصر بأى سبب من الأسباب التى ذكرت آنفا فانه يتحلل بعد أن يبعث بالهدى الى منى، ان كان المحصر حاجا، ولكنه ان كان معتمرا ويعين لنحره وقتا معلوما ينحر فيه فيحل من احرامه بعد ذلك الوقت بمعنى أنه يحل له محظورات الاحرام بعد ذلك الوقت، ولو لم يبلغه الخبر بأن الهدى قد ذبح.

لكن يستحب له تأخير الخروج عن الاحرام نصف نهار عن الموعد ليغلب على ظنه أنه قد ذبح الا أن يغلب على ظنه أنه لم يذبح لأمارة دلت على ذلك أنه يؤخر الاحلال حينئذ وجوبا، فان انكشف أنه


(١) الاقناع ج‍ ١ ص ٣٩٩ وكشاف القناع ج‍ ١ ص ٦٣١ والمغنى ج‍ ٣ ص ٣٧١، ص ٣٧٢ الطبعة السابقة.
(٢) منتهى الايرادات ج‍ ١ ص ٧٠٧ وكشاف القناع ج ١، ٢٣ الطبعة السابقة.
(٣) كشاف القناع ج‍ ١ ص ٦٣٣ الطبعة السابقة.
(٤) المحلى ج‍ ٧ ص ٢٠٣، ص ٢٠٧ الطبعة السابقة