للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم رد المصنف على أدلة القائلين بالوجوب وقد سبق إيراد هذه الأدلة ثم قال (١):

إن المراد من الأمر هنا مجرد رفع الحظر لما ذكرنا فلا دلالة فيها على أزيد من ذلك وأن الوجوب ليس من جهة هذا الأمر.

سابعًا: الإباضية:

جاء في الألفية (٢):

وحكمه إن جاء بعد الحظر والندب حكم ما مضى فلتدر.

ويقول الشارع (٣):

حكم الأمر إن ورد بعد الحظر أو بعد الندب هو كحكمه إن ورد ابتداء. أي إذا حرم الله سبحانه شيئًا ثم أمر به فذلك الأمر للوجوب إلا لقرينة تصرفه عن حقيقته وكذا إذا ندب لشئ ثم أمر به فالأمر به للوجوب إلا لقرينة كما كان ذلك في الأمر ابتداء.

ثم تصدى لأدلة القائلين بالوجوب أو بالإباحة وقال:

أما الاستدلال بالأغلبية فهو أمر ظنى يثبت عند عدم الذي هو أقوى منه أما عند الدليل القاطع فإنه يرد إليه فما قامت فيه قرينة أنه للإباحة فهو لها وما لم تقم فيه قرينة رد إلى أصله المعلوم قطعًا.

[دلالة الأمر على التكرار أو المرة]

أولًا: طريقة المتكلمين:

[١ - الإمام الغزالى]

إن قول القائل: صم كما أنه في نفسه يتردد بين الوجوب والندب فهو بالإضافة إلى الزمان يتردد بين الفور والتراخى وبالإضافة إلى المقدار يتردد بين المرة الواحدة واستغراق العمر وقد قال قوم هو للمرة ويحتمل التكرار وقال قوم هو للتكرار والمختار أن المرة الواحدة معلومة وحصول براءة الذمة بمجردها مختلف فيه واللفظ بوضعه ليس فيه دلالة على نفى الزيادة ولا على إثباتها. وقياس مذهب الواقفية التوقف فيه لتردد اللفظ كتردده بين الوجوب والندب. لكنى أقول: ليس هذا ترددًا في نفس اللفظ على نحو تردد اللفظ المشترك بل اللفظ خال عن التعرض لكمية المأمور به لكن يحتمل الإتمام ببيان الكمية كما أنه يحتمل أن تتممه لسبع مرات أو خمس. وليس في نفس اللفظ تعرض للعدد ولا هو موضوع لآحاد الأعداد وضع اللغة كالمشترك (٤).

ثم قال (٥): والأظهر عندنا أنه إن فسره بعدد مخصوص كتسعة أو عشرة فهو إتمام بزيادة لس تفسيرًا إذ اللفظ لا يصلح للدلالة على تكرر وعدد وإن أراد استغراق العمر فقد أراد كلية الصوم في حقه وكأن كلية الصوم شئ فرد إذ له حد واحد وحقيقة واحدة فهو واحد بالنوع كما أن اليوم الواحد واحد بالعدد فاللفظ يحتمله ويكون ذلك بيانًا للمراد لا استئناف زيادة. ولهذا لو قال: أنت طالق ولم يخطر بباله عدد كانت الطلقة الواحدة ضرورة لفظه فيقتصر عليها ولو نوى الثلاث بعد لأنه كلية الطلاق فهو كالواحد بالجنس أو النوع.

ثم أورد ثلاث شبه للمخالفين القائلين بالتكرار وتولى الرد عليها:


(١) المرجع السابق.
(٢) طلعة الشمس جـ ١ ص ٢٨.
(٣) المصدر السابق.
(٤) المستصفى جـ ٢ ص ٢.
(٥) المصدر السابق ص ٤.