للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مذهب الحنابلة]

ويرى الحنابلة: أن اليمين تكون من جانب المدعى عليه إذا طلب المدعى تحليفه عند عدم البينة ووجهها إليه القاضى فإن حلف أخلى سبيله لأنه لم يتوجه عليه حق.

وإن نكل عن الحلف قضى عليه بالحق المدعى بناء على النكول إذا طلب المدعى ذلك.

ويجب أن يقول له الحاكم: إن حلفت وإلا قضيت عليك بالنكول، لأن النكول ضعيف فوجب اعتضاده بذلك.

ولا ترد اليمين عندهم على المدعى مطلقا لا بطلب المدعى عليه ولا من القاضى لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «اليمين على المدعى عليه» حصرها فى جهة المدعى عليه فلم تشرع لغيره.

وفيما رواه أحمد أن عثمان قضى على ابن عمر بالنكول.

ولا يحلف المدعى عليه عندهم إلا فى حق لآدمى لقوله صلى الله عليه وسلم: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه»، ولا يقضى بالنكول إلا فى الأموال وما يقصد به المال. أما حقوق الله تعالى كالحدود والعبادات والكفارات والنذور فلا يستحلف فيها المدعى عليه ولا يقضى عليه بالنكول إلا أن يتضمن الحد حقا للعبد كدعوى السرقة توصلا للضمان أو لرد المسروق، فإنها تسمع ويستحلف المدعى عليه لحق الآدمى.

والنكول عندهم كإقامة بينة لا كإقرار إذ لا يتأتى ذلك مع الإنكار ولا كبذل لأنه قد يكون تبرعا ولا تبرع هنا (١).

جاء هذا فى كشاف القناع، ولم يحك فيه خلافا.

ولكن صاحب المغنى حكى خلاف أبى الخطاب فى رد اليمين على المدعى (٢) فقال:

«واختار أبو الخطاب أن له رد اليمين على المدعى فإن ردها حلف المدعى وحكم له بما ادعاه».

ثم ساق الاستدلال للقولين.

[مذهب الظاهرية]

وفى مذهب الظاهرية يقول ابن حزم فى المحلى (٣): «فإن لم يكن للطالب بينه وأبى المطلوب من اليمين أجبر عليها أحب أم كره بالأدب، ولا يقضى عليه بنكوله فى شئ من الأشياء أصلا. ولا ترد اليمين على الطالب البتة، ولا ترد يمين أصلا إلا فى ثلاثة مواضع، وهى القسامة، والوصية فى السفر إذا لم يشهد عليها إلا الكفار، وإذا أقام المدعى على دعواه شاهدا واحدا فإنه يحلف معه ويقضى له بالحق، فإن نكل حلف المدعى عليه وبرئ فإن نكل أجبر على اليمين.

[مذهب الزيدية]

وعند الزيدية (٤): إذا أنكر المدعى عليه الدعوى ولم تكن للمدعى بينة فى المجلس


(١) كشاف القناع ج‍ ٦ ص ٢٧٣.
(٢) ج‍ ١٢ ص ١٢٤.
(٣) ج‍ ٩ ص ٣٧٢ وما بعدها مسألة ١٧٨٣.
(٤) البحر الزخار ج‍ ٤ ص ٤٠٤.