للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب المالكية]

ويرى المالكية أنه يجوز للمستأجر فعل المستأجر عليه ومثله ودونه قدرا وضررا لا أكثر ولو كان أقل ضررا كما لا يجوز له أن يفعل ما كان دونه قدرا ولكنه أكثر ضررا فان خالف ضمن وهذا فى الحمل والركوب - أما فى المسافة فلا يفعل المساوى مسافة لاختلاف الطرق وكذا لا يفعل ما هو أقل مسافة لاختلاف الطرق كما لا يجوز أن يركبها لبلد آخر وان كانت مسافتها مساوية فى البعد والسهولة والصعوبة لما فى ذلك من فسخ ما فى الذمة وهو الأجرة المستحقة بالعقد فى مؤخر وهو السير الى بلد آخر ولأن أحوال الطرق تختلف بالنظر الى ما قد يلابسها من خوف الأعداء والغصاب وقد يكون الاعتداء موجها الى رب الدابة فان فعل شيئا من ذلك عد غاصبا فيضمن بالتلف ولو لأمر سماوى، والفرق بين المخالفة فى الحمل والمسافة اذ عد فعل المساوى فى المسافة تعديا دون الحمل هو أن المسافة تختلف فيها الاغراض ورب مسافة تظن فيها السلامة وهى فى الواقع ليست كذلك - على أن فعل ما هو أقل مسافة لا يعد مخالفة ولا تعديا عند بعض المالكية (١).

وخلاصة القول فى أحكام التعدى والمخالفة ما ذكره الباجى فى شرحه على الموطأ فى كراء الدابة يتعدى فيه المكترى عقد الكراء أن لرب الدابة أن يأخذ كراء دابته الى الموضع الذى تعدى اليه مع الكراء المسمى المتفق عليه فيكون له الكراء المسمى مع كراء الزيادة فى المسافة بالغا ما بلغ ويسترد دابته ان أحب وان أحب كانت له قيمة دابته من المكان الذى تعدى منه المكترى مع الكراء الأول ذلك لأنه لما تعدى بالدابة وتجاوز المكان الذى اكترى اليه الى مكان بعيد عنه لا يتساهل فيه عرفا ثبت له حكم التعدى ولحقه الضمان وذلك على قسمين:

أحدهما أن يرد الدابة على حالها - ثانيهما - ان يردها وقد تغيرت. فان ردها على حالها وقد أمسكها فى تعديه امساكا يسيرا - اليوم ونحوه أو البريد والبريدين فلا ضمان عليه وانما لمالكها كراؤها فى أيام التعدى مع الكراء الأول قاله مالك وأكثر أصحابه لأن الدابة اذ لم يؤثر فيها التعدى لا فى عين ولا فى قيمة ولا فى فوات أسواق لم يلزمه ضمانها وعليه قيمة كرائها فى الأيام الزائدة رواه ابن القاسم عن مالك فى المدونة وان حبسها الأيام الكثيرة شهرا ونحوه كما فى الواضحة. وقال اصبغ كحول - فصاحبها مخير بين الكراء المسمى مع كراء ما تعدى بحبسها فيه من الزمن وبين الكراء المسمى مع قيمة دابته قاله ابن حبيب فى الواضحة وقاله ابن القاسم فى المدونة ذلك لأنه قد غصبه منافع الدابة ومن منافعها بيعها فى أسواقها وقد فات ذلك عليه فيها فكان عليه قيمتها لأن ذلك بمنزلة بيعها.

وان رد الدابة وقد تغيرت فان كان التغير شديدا ولم يمسكها الا أياما يسيرة فلا شئ لرب الدابة غير كرائها فى تلك الأيام وهو مخير بين أخذ كرائها المسمى وبين أخذ قيمتها - ذلك حكم التعدى فى المسافة أما التعدى فى زيادة الثقل والحمل فعلى وجهين


(١) الشرح الكبير للدردير والدسوقى عليه ج‍ ٤ ص ٣٧، ٤١.