للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واذا استفتى واحدا أخذ بقوله ويلزمه بالتزامه ولو سأل مفتيين فأكثر فاختلفا عليه تخير.

وان لم يجد الا مفتيا واحدا لزمه قبوله وله العمل بخط‍ المفتى، وان لم يسمع الفتوى من لفظه اذا عرف أنه خطه.

مذهب الظاهرية: (١)

يرى الظاهرية أن على المستفتى - وهو العامى - أن يجتهد واجتهاده اذا سأل العالم عن أمور دينه فأفتاه أن يقول له: هكذا أمر الله ورسوله؟ فان قال له نعم: أخذ بقوله ولم يلزمه أكثر من هذا البحث وان قال له لا أو قال له:

هذا قولى أو قال له: هذا قول مالك أو ابن القاسم أو أبى حنيفة أو أبى يوسف أو الشافعى أو أحمد أو داود أو سمى له أحدا من صاحب أو تابع فمن دونهما غير النبى صلّى الله عليه وسلّم، أو انتهره، أو سكت عنه فحرام على السائل أن يأخذ بفتياه وفرض عليه أن يسأل غيره من العلماء وأن يطلبه حيث كان.

اذ انما يسأل المسلم من سأل من العلماء عن نازلة تنزل به ليخبره بحكم الله تعالى وحكم محمد صلّى الله عليه وسلم فى ذلك وما يجب فى دين الاسلام

فى تلك المسألة ولو علم أنه يفتيه بغير ذلك لتبرأ منه وهرب عنه.

وفرض على الفقيه اذا علم أن الذى أفتاه به هو فى نص القرآن والسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الاجماع أن يقول له: نعم هكذا أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وحرام عليه أن ينسب الى الله تعالى والى رسوله صلّى الله عليه وسلم شيئا قاله بقياس أو استحسان أو تقليد لاحد دون النبى صلّى الله عليه وسلم لانه ان فعل ذلك كان بذلك كاذبا على رسوله عليه السّلام ومقولا له ما لم يقل وقد وجبت له النار يقينا بنص قوله عليه الصلاة والسّلام: من كذب على فليلج النار.

وهذا الذى قلنا لا يعجز عنه أحد وان بلغ الغاية فى جهله لانه لا يكون أحد من الناس مسلما حتى يعلم أن الله تعالى ربه وأن النبى صلّى الله عليه وسلم وهو محمد بن عبد الله رسول الله بالدين القيم.

ثم قال ابن حزم فى موضع آخر (٢):

فان سأل العامى فقيهين فصاعدا فاختلفوا عليه فان الذى نقول به أنه ان أفتاه فقيهان فصاعدا بأمور مختلفة نسبوها


(١) الأحكام فى أصول الأحكام لابن حزم الظاهرى ج‍ ٦ ص ١٥٢ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق للامام محمد بن سعيد ابن حزم الظاهرى ج‍ ٦ ص ١٥٩، ص ١٦٠ الطبعة السابقة.