للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجوز تخريب بيوت المشركين وقطع شجرهم إن لم يمكن إحراقها لقوله تعالى «ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ.}. الآية». وقد أحرق النبى صلى الله عليه وسلم شجر الطائف وبنى النضير.

وقالوا إن ما تعذر حمله إلى دار الإسلام، حيث يكون جمادا، كالثياب والطعام ونحوهما يجوز إحراقه.

أما الحيوان فلا يحرق إلا بعد الذبح فإن كان مما يستبيحون أكله، أو ينتفعون به بعد الذبح يحرق وأما ما لا يأكلونه ولا ينتفعون به وهو ميتة فلا وجه لإحراقه.

[مذهب الإمامية]

وقال الإمامية (١): يجوز محاربة العدو بكل ما يرجى به الفتح كهدم الحصون والرمى بالمجانيق، ويكره رميهم بالنار إلا لضرورة، فإن أدى ذلك إلى قتل نفس محترمة فيحرم الرمى بالنار إن أمكن بدونه، وأما إذا توقف الفتح عليه فوجب.

الإحراق فى القتال إذا وجد

فى العدو مسلم أو من لا يقتل

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية (٢): إذا كان فى الحصن ونحوه نساء أو صبيان أو أسرى من المسلمين أو تجار مسلمون، فلو قدر على التمييز فعلا بين المحاربين وبين هؤلاء لزمنا ذلك فلا يحل إذن رمى النساء والصبيان والأسارى، فإذا كانوا يقصدون المشركين ولا يمكنهم التمييز جاز الرمى بالنار والإحراق. قالوا: وذلك حتى لا ينسد باب الجهاد بأن يعمد العدو إلى الاحتفاظ‍ معه بمن لا يجوز قتلهم ليعرقل الحرب، وكذلك إذا تترسوا بأطفال المسلمين فلا بأس بالرمى إليهم بضرورة إقامة الفرض، فإن أصابوا مسلما فلا دية ولا كفارة.

وقال الحسن بن زياد: تجب الدية والكفارة، لأن دم المسلم معصوم، والضرورة فى رفع المؤاخذة لا لنفى الضمان كتناول مال الغير فى مخمصة رخص فيه، ولكن مع الضمان.

[مذهب المالكية]

وقال المالكية (٣): إذا كان فى الحصن مع المقاتلين أسرى مسلمون فلا يرمون بالنار، وإذا كان فى الحصن نساء وصبية من المشركين فقد قيل فى المدونة أنه يجوز أن يرموا بالمجانيق ولا يجوز أن يحرقوا.

وقال ابن رشد فى السفن فيها الأسارى المسلمون أو النساء أو الصبيان قولان:

قول أنه يجوز رميهم بالنار وقول أنه لا يجوز ذلك.

وإن تترسوا بمسلم لم يقصد الترس إذ لا يستباح دم المسلم، إلا اذا خيف أن


(١) شرائع الإسلام ج‍ ١ ص ١٤٨ وما بعدها، والروضة البهية ج‍ ١ ص ٢٢٠ والمختصر النافع ص ١٣٦.
(٢) المبسوط‍ للسرخسى ج‍ ٨ ص ٣٣ وبدائع الصنائع ج‍ ٧ ص ١٠١، والبحر الرائق ج‍ ٥ ص ٨٢.
(٣) الحطاب ج‍ ٣ ص ٣٥١ وما بعدها وهامشه التاج والأكليل فى الموضع نفسه