للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر صاحب فتح القدير (١) أن كيفية المضمضة والاستنشاق أن يمضمض ثلاثا يأخذ لكل مرة ماء جديدا ثم يستنشق كذلك وهو المحكى من وضوئه صلى الله عليه وسلم. ثم قال صاحب فتح القدير: جميع من حكى وضوء النبى صلى الله عليه وسلم فعلا وقولا اثنان وعشرون نفرا.

ومنها عن ابن عباس رضى الله عنهما فى البخارى فعلا وفيه: أخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنشق.

وحديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده كعب بن عمرو اليامى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فتمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا يأخذ لكل واحدة ماء جديدا .. إلى آخر ما ذكره صاحب فتح القدير من بقية الأحاديث التى أشار إليها.

[مذهب المالكية]

جاء فى الحطاب (٢) من سنن الوضوء المضمضة والاستنشاق قال خليل وفعلهما بست أفضل وجازا، أو إحداهما بغرفة قال الحطاب: يعنى أن المضمضة والاستنشاق بست غرفات أفضل من بقية الصور المذكورة بعد ذلك.

وظاهر كلام خليل فى التوضيح وابن رشد فى شرح ابن الحاجب وابن عبد السلام: إن فعلهما بست متفق على أنه الأفضل. وحكى الباجى فى ذلك عن الأصحاب قولين:

أحدهما: ما ذكره خليل.

والثانى: أن الأفضل أن يأتى بثلاث غرفات فى كل مضمضة واستنشاق.

قال الحطاب واختار ابن رشد هذا القول الثانى. وجعل ما ذكر خليل أنه الأفضل من الجائز ولم يحك فى ذلك خلافا.

قال فى رسم الوضوء والجهاد من سماع أشهب الاختيار أن يأخذ غرفة يمضمض بها ويستنشق ثم يأخذ أخرى يمضمض بها ويستنشق بها ثم غرفة ثالثة يمضمض ويستنشق على ظاهر الحديث وإن شاء مضمض ثلاثا بغرفة واحدة أو بثلاث غرفات ثم استنشق ثلاثا بغرفة واحدة أو بثلاث غرفات الأمر فى ذلك واسع واتباع ظاهر الحديث أولى.

ونقله ابن عرفة باختصار فقال الباجى فى كون الأولى فعلهما من غرفة واحدة ثلاثا أو لكل واحدة ثلاث قولا. أصحابنا فى فهم قول مالك بن رشد الأول أولى. وإذا قلنا الأكمل أن يتمضمض ويستنشق بست غرفات فقال البساطى ذلك على وجهين:

أحدهما: أن يتمضمض بثلاث على الولاء ثم يستنشق كذلك.

والثانى: أن يتمضمض بغرفة ثم يستنشق بغرفة كذلك.

قال الحطاب ولم أقف على من ذكر هذا الوجه الثانى فيما أتى بهما بست غرفات بل الذى يظهر من


(١) الهداية وشروحها فتح القدير والعناية ج ١ ص ١٦، ١٧.
(٢) الحطاب ج ١ ص ٢٤٦، ٢٤٧.