للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاكراه فى باب الأطعمة والأشربة]

[مذهب الحنفية]

لو أكره الشخص على أكل ميتة أو لحم خنزير أو شرب دم باكراه غير ملجئ كحبس أو ضرب - على غير المذاكير والعين فانه يخاف منه التلف - أو قيد لم يحل اذ لا ضرورة فى اكراه غير ملجئ وان أكره بملجئ كقتل أو قطع عضو أو ضرب مبرح - حل الفعل بل فرض لأن هذه الأشياء مستثناة عن الحرمة فى حال الضرورة والاستثناء من الحرمة حل فان صبر فقتل أثم لأن اهلاك النفس أو العضو بالامتناع عن المباح حرام. الا اذا أراد المكره مغايظة الكفار فلا بأس به وكذا لو لم يعلم الاباحة بالاكراه لم يأثم لجفائه فيعذر بالجهل كالجهل بالخطاب فى أول الاسلام أو فى دار الحرب فى حق من أسلم من أهلها فيها (١). ولو أكره الشخص على أكل طعام نفسه فان كان جائعا فلا رجوع. وان كان شبعانا رجع بقيمته على المكره بالكسر لحصول منفعة الأكل له فى الأول دون الثانى (٢).

[مذهب الشافعية]

قال الرافعى نقلا عن البويطى: أن أكره على أكل محرم فعليه أن يتقايأه وقال الشافعى فى الأم ولو أسر رجل فحمل على شرب محرم أو أكل محرم وخاف ان لم يفعله فعل وعليه أن يتقايأه ان قدر عليه. فهذان النصان صريحان فى وجوب الاستقاءة لمن قدر عليه.

وبهذا قال أكثر الأصحاب وفيه وجه أنه لا يجب بل يستحب وصححه القاضى أبو الطيب (٣) للمضطر الواجد طعاما حلالا طاهرا لغيره أخذه من مالكه قهرا اذا لم يكن المالك مضطرا اليه وفى القدر الذى يجوز للمضطر أخذه قهرا قولان.

أصحهما ما يسد الرمق.

الثانى قدر الشبع وهل يجب على المضطر الأخذ قهرا خلاف. الأصح فيه أنه يجب الأخذ قهرا وخص البغوى الخلاف بما اذا لم يكن عليه خوف فى الأخذ قهرا فان خاف لم كجب قطعا. وليس للمضطر الأخذ قهرا اذا بذل المالك الطعام بثمن المثل فان اشتراه بالزيادة مع امكان أخذه قهرا فهو مختار فى الزيادة فيلزمه المسمى بلا خلاف فان عجز عن الأخذ قهرا واضطر لشراء الطعام بالثمن الغالى فهل تجعله مكرها فلا يصح الشراء فيه وجهان:

أصحهما صحة البيع لأنه لا اكراه على نفس البيع ومقصود الظالم تحصيل المال من أى جهة كان وبهذا قطع الشيخ ابراهيم المروزى (٤).

[مذهب الظاهرية]

من أكره على أكل الخنزير أو الميتة أو الدم أو بعض المحرمات أو أكل مال مسلم. أو


(١) رد المحتار على الدر المختار ج‍ ٥ ص ١١٤.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ١٢١.
(٣) المجموع للنووى ج‍ ٣ ص ١٣٩.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٤٥، ٤٦، ٤٧.