للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا يتحقق الوفاء بالقيام بأمر منها وان كان كل واحد منها قبل الاختيار صالحا لأن يكون محلا للطلب واذا أصبح القيام بأمر معين من هذه الأمور مستحيلا سقط‍ الطلب بالنسبة له كما اذا تلف أحدها أو خرج عن ملكه بالتصرف فيه وكان الخيار فيما بقى حتى اذا لم يبق ممكنا الا أمر واحد تعين للوفاء بلا اختيار واذا توفى من له حق التعيين قبل أن يختار انتقل ذلك الحق الى ورثته لأن حق تعيين الدين المطلوب الى صاحبه والدين محل للوراثة وبعد حدوث الاختيار يتعلق حق الملتزم له به:

(ارجع فى ذلك الى مصطلح شركة ومصطلح كفارات).

[آثار الالتزام]

يترتب على الالتزام شغل ذمة الملتزم بما التزم به من فعل أو امتناع عن عمل فان كان فعلا وجب عليه الوفاء به بأدائه متى كان التزاما منجزا حالا وكان للملتزم له حق مطالبته بالوفاء وله حق اجباره عليه بواسطة القضاء وان كان امتناعا عن عمل وجب عليه الوفاء بذلك وكان للملتزم له الزامه بذلك بواسطة القضاء وتحمل تبعة مخالفته لهذا الالتزام اذا تسبب عن ذلك ضرر مالى فالمضارب اذا اتجر بالمال فى البلد الذى التزم بعدم الاتجار فيه يصبح ضامنا لهذا المال فاذا تلف ولو بغير تعد أو تقصير كانت يده على المال يد ضمان فيكون ضامنا له واذا ربح كان الربح له عند الحنفية لا لصاحب المال ولكنه غير طيب (١) له، فيتصدق به لأنه يعد ربح مال مغصوب ولبيان رأى سائر المذاهب فيه (راجع مصطلح غصب ومضاربة).

[مصادر الالتزام]

المراد بمصدر الالتزام: هو السبب المباشر بشغل الذمة بالملتزم به وهو عبارة عن واقعة رتب عليها الشارع حكما فوصفت بناء على ذلك بأنها واقعة شرعية. وهذه الواقعة قد تكون راجعة الى ارادة الانسان وقد لا يكون لارادته فيها دخل فهبوب العواصف وانفجار البراكين وحدوث الزلازل ونحو ذلك من القوى القاهرة التى تسبب حالة اضطرار رتب عليها الشارع فى بعض أحوالها نقض بعض التزاماته المتوقعة على الامكان كما اذا حالت دون امكان انتفاع المستأجر بالعين المستأجرة اذ تسقط‍ عندئذ الاجرة وينفسخ العقد أو حالت دون قيام الوديع بحفظ‍ الوديعة فهلكت بناء على ذلك اذ لا يكون عليه حينئذ ضمان.

وهذه الواقعة قد تكون من عمل انسان لا ارادة له كالمجنون يتلف مالا لغيره فانه يلزمه الضمان. وقد تكون من عمل انسان له ارادة ولكن ليس لارادته دخل فيها كالولادة اذ يترتب عليها حقوق للمولود قبل أبويه وكالموت اذ ثبتت به للورثة حقوق فى تركة مورثهم.

ومنها ما يرجع الى ارادة الانسان وما يرجع الى ارادة الانسان أكثره أعمال مادية قد يريد عند احداثها أثارها التى رتبها الشارع عليها وقد لا يقصد ذلك فى احداثها ولكن لا يحول ذلك دون ترتب أثرها عليها.


(١) حاشية أبو السعود على مثلا مسكين ج‍ ٣ ص ١٨٩.