للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ما تقدم أن أبا الفرج روى عن مالك أن بيع العقار الموقوف لمصلحته جائز اذا رأى الحاكم ذلك وعندئذ يجعل ثمنه فى مثله

[مذهب الشافعية]

جاء فى نهاية المحتاج أن من أتلف عين الوقف ضمنها واشترى بالقيمة ما يكون وقفا مكانها مع مراعاة الجنس وليس يجوز استبدال الوقف فى غير هذا ولذا يرى الشافعية أن المسجد اذا انهدم وتعذرت اقامته لم يبع بحال لامكان الانتفاع بأرضه وذلك بالصلاة فيها (١)، ويستعمل الشافعية اسم الابدال والاستبدال فى ابدال المشترى عينا بالثمن قبل دفعه للبائع ففى نهاية المحتاج ولو أبدل المشترى الثمن بمثله أو بغير جنسه وكان ذلك برضى البائع فهو فى الحكم كبيع المبيع قبل قبضه للبائع فلا يصح الا ان كان الاعتياض عنه بالمبيع نفسه أو بمثل المبيع ان كان قد تلف أو كان دينا فى الذمة، (٢) وفيه أيضا أنه يجوز أن يستبدل الثمن بغيره اذا كان دينا فى الذمة قبل قبض المبيع أو بعده حيث لزم عقد البيع لحديث ابن عمر رضى الله عنهما (كنت أبيع الابل بالدنانير وآخذ مكانها الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ مكانها الدنانير فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فقال لا بأس اذا تفرقتما وليس بينكما شئ) وكالثمن كل دين مضمون بعقد كأجرة وصداق، وعوض خلع ودين ضمان ولو ضمان المسلم فيه وهذا فى الجديد أما القديم فعلى منع ذلك فان كان بين البدلين موافقة فى جنس الربا كذهب عن ذهب أو فى علة الربا كدراهم عن دنانير اشترط‍ ما يشترط‍ فى مبادلة الربوى بالربوى حذرا من الربا ومن ذلك وجوب التقابض فى المجلس والا لم يشترط‍ كثوب عن دراهم فى الأصح (٣) وراجع فى ذلك مصطلح بيع عند الكلام على أحكام التصرف فى الثمن قبل قبضه.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع اذا شرط‍ الواقف بيع الموقوف عند خرابه وصرف الثمن فى مثله فسد الشرط‍. وصح الوقف حكاه الحارثى عن القاضى وقيل يبطل الوقف أيضا ثم رجح عدم الغاء الشرط‍ بقوله بعد: وجواز بيع الموقوف عند خرابه ثابت. والثابت لا يكون اشتراطه مفسدا وانما يكون تأكيدا للحكم الثابت، وجاء فى موضع آخر لا يصح ابدال الوقف ولو بخير منه الا أن تتعطل منافعه المقصودة منه بخراب ونحوه بحيث لا يرد على أهله شيئا أو يرد عليهم ما لا يعد نفعا وتتعذر عمارته وعود منافعه وذلك عند ما لا يكون له ريع يعمر به فعند ذلك يصح بيعه وصرف ثمنه فى مثله ولو مسجدا للنهى عن أضاعة المال وفى تركه على حالة اضاعة لماليته وعن أحمد يجوز بيع المسجد وصرف ثمنه فى عمارة مسجد آخر وعند ما يباع الوقف يصرف ثمنه فى مثله اذ فى اقامة بدله مقامه تأييد له أو


(١) نهاية المحتاج للرملى ج ٥ ص ٣٨٩ ص ٣٩٢.
(٢) المرجع السابق ج ٤ ص ٨٥.
(٣) المرجع السابق ج ٤ ص ٨٨.