للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجوز أن يكون رأس مال السلم جزافا، غير أنه يعتبر فيه شروط‍ بيعه (١).

أما اذا كان رأس مال السلم من المنافع المضمونة كما اذا قال رب السلم للمسلم اليه: أحملك الى مكة مثلا فى أردب قمح فى ذمتك تدفعه لى فى وقت كذا. فاذا لم يشرع فى هذه المنفعة لم يصح أن تكون رأس مال السلم لأنه كالئ بكالئ.

واذا شرع فيها جاز أن تكون رأس مال السلم لأن قبض الأوائل مثل قبض الاواخر كما فى الاجارة (٢).

هذا واذا أسلم مصنوعا فى مصنوع آخر، وهما عن جنس واحد فانه ينظر للمنفعة فان تقاربت لم يجز السلم كما لو أسلم قدر نحاس فى قدر نحاس أو أسلم ثيابا رقيقة فى ثياب رقيقة، لأنه من باب سلم الشئ فى مثله أما اذا كانت المنفعة متباعدة فان الاسلام حينئذ يكون جائزا كما لو أسلم ابريق نحاس فى منارة من نحاس أو ثيابا رقيقة فى ثياب غليظة (٣).

[مذهب الشافعية]

جاء فى نهاية المحتاج أنه يشترط‍ لصحة عقد السلم بالاضافة الى ما يشترط‍ فى البيع أمور سبعة أخرى اختص بها وهى على ما يأتى:

الأول: تسليم رأس المال - وهو الثمن - فى المجلس الذى وقع العقد به: قبل التفرق منه أو لزومه اذ لو تأخر لكان فى معنى بيع الدين بالدين ان كان رأس المال فى الذمة، ولأن فى السلم غررا فلا يضم اليه غرر تأخير رأس المال.

والثانى: حلول رأس المال كالصرف ولا يغنى عنه شرط‍ تسليمه فى المجلس.

فلو تفرقا قبل قبض رأس المال أو الزماه بطل العقد، أو قبل تسليم بعضه بطل فيما لم يقبض وفيما يقابله من المسلم فيه، وصح فى الباقى بقسطه.

ولو اختلفا فقال المسلم: أقبضتك بعد التفرق، وقال المسلم اليه:

بل قبله ولا بينة صدق مدعى الصحة.

فان أقاما بينتين قدمت بينة المسلم اليه، لأنها مع موافقتها للظاهر ناقلة، والأخرى مستصحبة.

ولا يكفى قبض المسم فيه الحال فى المجلس عن قبض رأس المال، لأن تسليم المسلم فيه فى المجلس تبرع، وأحكام البيع لا تبنى على التبرعات.


(١) حاشية الدسوقى ج ٣ ص ١٩٧ الطبعة المتقدمة.
(٢) شرح الخرشى ج ٥ ص ٢٠٣ الطبعة المتقدمة.
(٣) شرح الخرشى ج ٥ ص ٢٢٤ وما بعدها الطبعة المتقدمة.