للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو حاضر فنقل أبو الحسن عن ابن القاسم وأشهب أنه يصدق وإن طال؛ لأن الأصل عدم العلم، قال المتيطى: وهو ظاهر المذهب وقاله غير واحد من الموثقين، ويحلف على ذلك، وقال محمد بن عبد الحكم وابن المواز: يصدق ولو بعد أربعة أعوام، وأن الأربعة كثيرة ولا يصدق في أكثر منها، قال أبو الحسن: ولو علم بالشراء وادعى جهل الشفعة قال: لا يصدق (١).

وإذا أنكر المشترى الشراء وادعاه البائع فتحالفا وتقاسما فليس للشفيع أن يأخذ بالشفعة بإقرار البائع؛ لأن عهدته على المشترى. فإذا لم يثبت المشترى على الشراء فلا شفعة للشفيع، قال في (المدونة): وإن أقر رجل أنه ابتاع هذا الشقص (٢) من فلان الغائب فقام الشفيع فلا يقض له بالشفعة بإقرار هذا حتى يقيم بينة على الشراء؛ لأن الغائب إذا قدم وأنكر البيع له الحق أن يأخذ داره ويرجع على مدعى الشراء بكراء ما سكن (٣).

[مذهب الشافعية]

جاء في (المهذب): وإن أقر أحد الشريكين في الدار أنه باع نصيبه من رجل ولم يقبض الثمن وصدقه الشريك وأنكر الرجل؛ فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: لا نثبت الشفعة للشريك؛ لأن الشفعة تثبت بالشراء ولم يثبت الشراء فلم تثبت الشفعة للشريك. وذهب عامة أصحابنا إلى أنه تثبت الشفعة، وهو جواب المزنى فيما أجاب فيه على قول الشافعي - رحمه الله -؛ لأنه أقر للشفيع بالشفعة وللمشترى بالملك، فإذا أسقط أحدهما حقه لم يسقط حق الآخر، كما لو أقر لرجلين بحق فكذبه أحدهما وصدقه الآخر، وهل يجوز للبائع أن يخاصم المشترى؟ فيه وجهان أحدهما: ليس له ذلك؛ لأنه يصل إلى الثمن من جهة الشفيع فلا حاجة به إلى خصومة المشترى. والثانى: له أن يخاصمه؛ لأنه قد يكون المشترى أجهل في المعاملة من الشفيع، فإن قلنا لا يخاصم المشترى أخذ الشفيع الشقص من البائع وعهدته عليه؛ لأنه منه أخذ وإليه دفع الثمن، وإن قلنا: يخاصمه فإن حلف أخذ الشفيع الشقص من البائع ورجع بالعهدة عليه، وإن نكل فحلف البائع سلَّم الشقص إلى المشترى وأخذ الشفيع الشقص من المشترى ورجع بالعهدة عليه؛ لأنه منه أخذ وإليه دفع الثمن، وإن أقر البائع بالبيع وقبض الثمن وأنكر المشترى فمن قال: لا شفعة إذا لم يقر بقبض الثمن لم تثبت الشفعة إذ أقر بقبض، ومن قال: تثبت إذا لم يقر بقبض الثمن اختلفوا إذا أقر بقبضه، فمنهم من قال: لا تثبت؛ لأنه يأخذ الشقص من غير عوض وهذا لا يجوز، ومنهم من قال: تثبت؛ لأن البائع أقر له بحق الشفعة. وفى الثمن الأوجه الثلاثة والتي ذكرناها فيمن ادعى الشفعة على شريكه وحلف بعد نكول الشريك (٤).


(١) الحطاب: ٥/ ٣٢٢.
(٢) الشقص: الشقص والشقيص: الطائفة من الشئ والقطعة من الأرض تقول: أعطاء شقصًا من ماله. وقيل: هو قليل من كثير، وقيل: هو الحظ. ولك شقص هذا وشقيصه كما تقول نصفه ونصيفه، والجمع من كل ذلك أشقاص وشقاص. لسان العرب: مادة شقص.
(٣) الحطاب: ٥/ ٣٣٤ - ٣٣٥.
(٤) المهذب: ١/ ٣٨٤.