(٢) أن تكون الصيغة مقيدة ثبوت المقر به صراحة على سبيل الجزم. فلو كانت مشتملة على ما يفيد الشك والاحتمال كان الاقرار باطلا ولا يؤاخذ به المقر ولا يلزم بشئ سواء كان هذا الاحتمال آتيا من جهة وضع الالفاظ ومعانيها اللغوية أو من جهة الاستعمال العرفى الذى يجرى الاقرار على أساسه لا على دقائق اللغة واعتباراتها الدقيقة - وقد نقلنا قريبا فى الكلام على الشرط السابق قول صاحب الروضة:«وغايته قيام الاحتمال فى الصيغة وهو كاف فى عدم لزوم المال المقر به وعدم صراحة الصيغة فى المطلوب .. » وهو واضح فى انه يلزم لدلالة الصيغة على المطلوب أن تكون صريحة فى دلالتها على المطلوب وغير محتملة شيئا اخر ..
يضاف الى ذلك قوله فى موضع آخر: ولو قال شخص لآخر: لى عليك ألف. فقال له المدعى عليه: زنه او انتقده أو انا مقر. ولم يقل به. لم يكن ذلك اقرارا بالحق المدعى به .. اما الاولان فلانتفاء دلالتهما على الاقرار واما الاخير - أى أنا مقر - فأنه مع انتفاء احتمال كونه وعدا بالاقرار فى المستقبل - ويحتمل كون المقر به المدعى وغيره. فأنه لو وصل به قوله. أنا مقر بالشهادتين أو ببطلان دعواك. لم يختل اللفظ لان المقر به غير مذكور فجاء تقديره بما يطابق المدعى وغيره متعضدا بأن الأصل براءة الذمة.
ويحتمل عنده اقرارا لأن صدوره عقب الدعوى قرينة صرفه اليها … وقيام الاحتمال يمنع لزوم الاقرار بذلك … وهذا ظاهر فى ان احتمال الصيغة لمعنى آخر غير الاقرار يجعلها غير دالة على الاقرار.
[وصيغة الاقرار هى]
لفلان عندى كذا أو لفلان على كذا. أو هذا البيت لفلان أو هذا البستان له.
أو نحو ذلك مما يدل على الاخبار الجازم يحق عليه أو ملك عنده لآخر سابق على وقت الاقرار .. واذا قال: دارى أو بستانى لفلان - اختلف فيه. هل يصح الاقرار أو يكون باطلا. قيل أنه يكون باطلا لأن مقتضى اضافة المقر البيت أو البستان الى نفسه أن يكون مملوكا له. ومقتضى الاقرار ان يكون الملك فى البيت والبستان ثابتا للمقر له قبل صيغة الاقرار ولا يمكن ان تجتمع ملكان مستوعبان على شئ واحد فى وقت واحد اذ يقتضى ذلك اجتماع النقيضين وهو محال .. وقيل ان الاقرار يكون صحيحا وهو الاقوى لان التناقض انما يتحقق مع ثبوت الملك للمقر والمقر له فى الواقع ونفس الأمر.
أما اذا ثبت الملك لاحدهما فى الظاهر وللآخر فى الواقع ونفس الامر فلا يتحقق اجتماع النقيضين لان الجهة تكون مختلفة. فأن الاخبار بثبوت ملك المقر له بمقتضى الاقرار يقتضى ثبوت ملكه فى الواقع سابقا على الاقرار وأضافة المقر المقر به الى نفسه محمول على الظاهر لانه المطابق لحكم الاقرار. اذ لابد فى الاقرار من كون المقر به تحت يد المقر.
وذلك بمقتضى كونه ملكا له فى الظاهر ولان الاضافة يكفى فيها أدنى ملابسة مثل قوله تعالى:«وأحصوا العدة واتقوا الله لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا ان يأتين بفاحشة مبينة» .. فأن المراد بيوت الأزواج. وأضيفت الى الزوجات بملابسة السكنى. ولو كانت البيوت ملكا لهن لما جاز اخراجهن منها مطلقا حتى فى حالة اتيانهن الفاحشة .. وكما